2024-03-29 03:53 م

هل يكون الثمن غالياً؟!

2015-11-29
بقلم: عبد الحكيم مرزوق
هل كان إسقاط الطائرة الروسية فوق الأجواء السورية مقصوداً ،وهل صحيح أنها اخترقت الأجواء التركية ،أم أنه جاء نتيجة حسابات محور الإرهاب والذي تمثل فيه تركيا أحد الأدوات الفاعلة في الحرب على سورية . الواضح للعيان أن إسقاط الطائرة الروسية كان مقصوداً ،وربما تم التخطيط له من قبل القيادة التركية وذلك لعدة اعتبارات يأتي في طليعتها التقدم الواضح للجيش العربي السوري على كل الجبهات وخاصة على الحدود المتاخمة لها في محافظة اللاذقية وكذلك في معظم المناطق السورية إضافة إلى تضرر المصالح التركية جراء ضرب الطائرات الروسية لناقلات النفط التي كانت تتوجه في طريقها إلى الأراضي التركية ،ما يشكل خسارة فادحة للأتراك جراء خسارة النفط الذي سرقته داعش الإرهابية من آبار النفط السورية والذي كان من المفترض أن تتاجر به داخل الأراضي التركية وتحصل من خلاله على مبالغ طائلة ،الأمر الذي جعلها تعمى عن التصرف برشد وهي خلال الحرب على سورية ما انفكت تسهل مرور الإرهابيين إلى الأراضي السورية وتمدهم بالسلاح والعتاد وتتاجر بمقدرات الحرب على سورية غير عابئة بالأعراف والتقاليد والقوانين الدولية التي تحكم دول الجوار . لم تكن القيادة التركية تعمل منفردة في الحرب على سورية بل كانت هناك دول أخرى وللأسف أنها عربية لم يكن دورها تآمرياً فقط بل امتد للدعم المادي والعسكري وهذا الأمر لم يخفَ على أحد إذ إن المتآمرين لم يكونوا يتخفون كما في السابق ويعملون من وراء الستار بل كان دورهم التآمري علنياً واضحاً ومن فوق الطاولة وهذا بالطبع ينطبق على الدور السعودي المذل والدور القطري الوضيع والدنيء في الحرب على سورية خلال ما ينوف عن الأربع سنوات الماضية والأنكى من ذلك أن هذه الدول التي لم تعرف ألف باء الديمقراطية رأيناها تتنطح لتعميم الحريات وأساليب الديمقراطية في سورية وكأنها "تلك الدول"مدرسة في الديمقراطية مع أنها تكاد تكون أمية في هذا الأمر فكيف يمكن لمثل هذه الدول أن تتنطح لأمر لا تعرفه وغير ملمة به ...انه فعلاً زمن أخرق يجعل من تلك الدول تأخذ دور الأستاذ الذي يحاضر بالديمقراطية وهي أشبه بالعاهرة التي تتحدث عن الشرف والأخلاق . من يراقب حقيقة الحرب على سورية يدرك أن كل هؤلاء هم أدوات منفذة للمؤامرة التي تقودها الإدارة الأمريكية على سورية حيث توزع الأدوار وتتابع المشهد وربما تعلق عليه في الظاهر غير ما تبطن وهذا ما يفسر التصريحات الكثيرة التي تصدر عن عدة أطراف تمثل الإدارة الأمريكية وكل واحد يختلف عن الآخر وربما يتضارب معه ،ولكن كل تلك التصريحات لا شك أنها تهدف أولاً وأخيراً لاستمرار الحرب على سورية وإضعافها وبالتالي النيل منها وصمودها خدمة للكيان الإسرائيلي الغاصب حتى تضعف دول محور المقاومة الصامدة أبداً في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وعلى رأسها الدولة السورية .ومن تتبع الأحداث والحرب على سورية لاحظ السيناريوهات الكثيرة التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية لإسقاط سورية وكلها سقطت بفضل صمود القيادة السورية والشعب السوري الذي بقي متماسكاً طيلة فترة الحرب . بالعودة لحادث إسقاط الطائرة الروسية الذي لم يكن حدثاً عادياً بل حادثا يمكن القول أنه جاء نتيجة الإرباك للدول المتآمرة على سورية قيادة وشعباً وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي أوعزت للقيادة التركية بإسقاط الطائرة الروسية التي أظهرت الوقائع أنها لم تتجاوز الحدود السورية وذلك نتيجة التقدم الكبير الذي أحدثه الجيش السوري على كامل الجبهات وكذلك الضربات المؤلمة للطيران الروسي على مواقع الإرهابيين في معظم المناطق التي يتواجد بها وهذا الأمر جعل أوهام أردوغان الغبي ومشغليه في الإدارة الأمريكية تتحطم أمام تلك الضربات الموجعة فأخذ قراره بالانتقام لهزيمته النكراء التي ستجعله يدفع الثمن غالياً في الأشهر القادمة على المستوى الداخلي والخارجي . الرد الروسي بالطبع سيكون مدروساً وناضجاً وسيعلم أردوغان أن اللعب مع الكبار لن يكون سهلاً وسيكون له عواقب وخيمة عليه وعلى من يقف خلفه ،وستجعله يدرك حقيقة الورم الذي هو عليه وأنه قزماً صغيراً سيندم كثيراً لأفعاله غير المدروسة والتي تؤكد أنه ما زال غر في السياسة ويحتاج الكثير حتى يتقن فنونها الخافية عليه وعلى إدارته الغارقة في غباء الحسابات السياسية الخاطئة وأرقامها التي تحتاج لمن يفك رموزها في السنوات القادمة .
*كاتب وصحفي سوري 
marzok.ab@gmail.com