2024-04-20 03:57 ص

عيال السلطان... أيتام أمريكا!

2015-11-28
بقلم: عبد الحميد الرياحي
المؤامرة على سوريا كبرى ومعقدة ومتشعبة، لكنها ليست مؤامرة يتيمة ولا مؤامرة بلا نسب، فلها آباؤها ولها ـ عرّابون ـ تنتسب اليهم، يرعونها وتدين لهم بالولاء وبالبقاء والاستمرار كل هذه السنوات.
ليس خافيا أن الأب الأكبر لهذه المؤامرة الكونية على سوريا البلد والحضارة والشعب والجيش والقيادة والدور هو الولايات المتحدة الامريكية.. ولأن الأمريكان أذكياء وبعد الدرس القاسي الذي تعلموه في العراق والهزيمة المرة التي حصدوها فإنهم لم يعودوا يريدون الظهور مباشرة ولا التدخل مباشرة... لذلك اتخذوا لهم في الشأن السوري وكلاء وعملاء وسماسرة ووسطاء... كلهم اصطفوا في حلف العدوان... وتنافسوا على اهدار الدم السوري وانخرطوا في سعي محموم إلى إسقاط القيادة السورية ومعها الجيش العربي السوري والدولة السورية والدور السوري.. هؤلاء تعاونوا على تدريب عصابات القتل والارهاب والتدمير. موّلوا وسلحوا وفتحوا الحدود لعبور العاصفة، ليبدأ مسلسل الدم والدمار وليتوغل سرطان الجماعات الارهابية في الجغرافيا السورية بشكل بات يهدّد ليس سوريا فقط بل العالم بأسره، وهو أمر نبّه إليه منذ البداية الرئيس السوري بشار الأسد عند ما حذر من أن سحر الارهاب سينقلب على السحرة ومن أن الدول الداعمة ستكون في طليعة الدول التي سوف تصطلي بنيرانه.
في طليعة هؤلاء الوكلاء والعملاء والوسطاء نجد بالخصوص ـ السلطان اردوغان ـ الذي اجتاحته نوبة أحلام سلطانية أخذته الى أزمنة سادت فيها الخلافة العثمانية وبادت وتحكم بمقتضاها «الباب العالي» في أقاليم وبحار شاسعة. أحلام السلطان تسللت في لحظة تاريخية مجنونة الى صلب مخطط السيد الامريكي الرامي الى رسم خارطة جديدة للمنطقة تقوم على «الفوضى الخلاقة» وعلى التقسيم وإعادة التشكيل. وبذلك منح السلطان نفسه دور الناشر والمروج للفوضى الخلاقة من خلال فتح أبواب الجحيم على سوريا بفتح حدود بلاده لعبور جحافل الارهابيين المتهاطلين من كل حدب وصوب ومن كل الملل والنحل تجمعهم فقط رغبة جامحة في تعميم الفوضى ونشر الخراب والموت والدمار في الجسد السوري.. يتبعه في هذا الدور أطراف إقليمية عربية وغير عربية لكل طرف حساباته لكنهم يلتقون حول مطلب تدمير سوريا.
الآن وبعد الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري وللقيادة والشعب السوريين وبعد التدخل الروسي القوي والمزلزل لأوكار الإرهاب والإرهابيين، وبعد ضربت باريس وحمى الارهاب التي تجتاح اوروبا والعالم ،بدأت الأمور تتجه صوب الحسم بما أنضج ظروفا للحديث عن حل سياسي للأزمة بما يعنيه ذلك من بداية نهاية الجماعات الإرهابية.. حتى أن الإدارة الأمريكية لم تعد تخفي تصميمها علي الإنخراط في محاربة «الدواعش».. كما لم تعد تخفي نيتها في التفاوض يوما ما مع نظام الرئيس الأسد وحرصها على بقاء الدولة السورية.
وكل هذه المؤشرات هي نذر سوء لعيال السلطان أردوغان ولأحلامه السلطانية.. فعندما تنعرج الإدارة الأمريكية بهذا الشكل في طريق التسوية السلمية فإنها تترك وكيلها السلطان وعياله المزروعين في سوريا ومعهم باقي الوكلاء والعملاء في وضع تسلل واضح وفاضح (بلغة كرة القدم)..
وليبحث هؤلاء جميعا لأنفسهم عن دور جديد وعن مقاولة جديدة.. لأن مقاولة «الدواعش» سقطت كورقة ولم يبق من عمرها إلا الوقت الذي سوف يتطلبه اقتلاعها من جذورها.

عن صحيفة "الشروق"