2024-03-29 05:46 م

هل تحمل "الهبّة الشعبية" عوامل تطورها واسقاط وسائل حصارها؟!

2015-10-08
القدس/المنــار/ تحرك ثوري، هبّة جماهيرية، الأحداث المتصاعدة في القدس والضفة الغربية، هذه الردود على سياسة القمع الاسرائيلية، هل تستمر وتتصاعد، وتتطور الى انتفاضة شاملة، هي الثالثة التي يقوم بها الفلسطينيون!! هل تملك هذه الهبّة الشعبية، عوامل تحولها الى انتفاضة، تساؤل يطرحه المراقبون للشأن الفلسطيني، ويتم تداوله في الشارع الفلسطيني أيضا، وهو موضوع نقاش داخل أروقة الحكم في اسرائيل ورام الله ودول عربية، قلقة ومحرجة وتخشى تعثر سياساتها في المنطقة في حال اندلعت انتفاضة ثالثة.
هذه الهبّة الجماهيرية التي تشهدها الساحة الفلسطينية، محاصرة من أكثر من طرف، داخلي وخارجي، وتتلاقى أطراف عدة على "كيفية الخروج من هذا المأزق" المسمى بالهبّة الجماهيرية.. لكن، هذا التلاقي لا يطرح البديل، لمواجهة الاحتلال، أو العمل على دحره.. بمعنى، أن الأطراف المعنية تريد هدوءا وسكونا يستمر لسنوات طويلة، دون تعاطي جدي مع المشكلة الفلسطينية، ووقف لسياسة القمع الاسرائيلية.
عوامل استمرار الهبّة الشعبية، مع احتمال تصعيدها، موجودة، وفي مقدمتها التعنت الاسرائيلي، وسياسة القمع الوحشي، التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية، ومواصلتها الاستيطان والاعتداءات على الاماكن المقدسة، كذلك، فان جيل الانتفاضة الثالثة يمتلك ارادة مواجهة الاحتلال، رافضا، "الرسائل من تحت الطاولة" وعودا واغراءات، وأدخل الاسرائيليين في دائرة الخوف والارباك، انه موقف شبابي واضح، رغم الأوضاع المعيشية الصعبة، ووحشية الاجراءات الاسرائيلية، والاهمال الذي تتعرض له مدينة القدس، وسياسة التعتيم الاعلامي الرسمي على ما يقوم به هذا الجيل، وسياسة "ضبط النفس" التي ترفعها السلطة بمؤسساتها وأجهزتها في وجه المنتفعين.
اذن، هناك هبّة جماهيرية ، لها أسبابها ودلالاتها وأهدافها، تثير القلق في دوائر الجهات الرسمية في أكثر من بلد، ولدى دائرة صنع القرار في رام الله، وهذه الدوائر تردد وتسرب أن الهبّة هي "سحابة صيف" سرعان ما تزول، وبالطبع هي تنفذ سياسات وتستخدم وسائلها المعروفة، لاعادة الوضع الى نقطة الصفر، وبالنسبة للقيادة الرسمية الفلسطينية، فانها لا ترى "نفعا" لاستمرار الهبّة.. لكنها، لا تطرح البديل، بعد سنوات طويلة جدا من ارتهان حياة الفلسطينيين وحقوقهم لمفاوضات عبثية، مكنت اسرائيل من مواصلة سياستها الاستيطانية، وتجاوز كل الخطوط الحمراء والتجرؤ على تصعيد اعتداءاتها على المسجد الأقصى والقدس ومواطنيها.
في رام الله... لا توجد استراتيجية واضحة مدروسة ومقنعة، وانما ردود فعل على وعود تقطع لها من جهات فاقدة للصدقية، ومنحازة لاسرائيل، وللأسف ما تزال القيادة الفلسطينية واثقة من هذه الجهات، دون أن تتحرك باتجاه "لاعبين" فرضوا وجودهم في معادلة المنطقة، كما يجري الآن من تنسيق ومشاركة بين سوريا وروسيا لمواجهة الارهاب.
الآن، وفي ضوء تطورات الأحداث ، فان الهبّة الشعبية متواصلة، دون اسناد رسمي أو فصائلي، حتى جزء كبير من الاعلام غائب تماما عما يجري، واسرائيل بدأت "لعبة" حسن النوايا ومبادرات التهدئة والاغراض الانسانية لأنها تخشى هذه الهبّة التي انطلقت من القدس.
مراقبون يرون أن النظام الرسمي الفلسطيني قد ينجر الى اسناد هذه الهبّة، وبالتالي، من الأسلم وضع خطط سليمة، للانحياز الى جيل الانتفاضة الثالثة، واستثمار ذلك في المحافل الدولية، كجزء من الحرب السياسية والدبلوماسية ، ضد اسرائيل وفرض الحصار والمقاطعة عليها، ان التحرك الفلسطيني الرسمي المدروس، وعدم الوثوق بالجهات القلقة المرتعشة سيمنع أية ارتدادات سلبية لهذه الهبة، قد تستغلها اسرائيل وتقوم على خلق الفوضى والعنف، عندها، ما نخشاه هو فوضى داخلية، وصدامات داخلية .. وعلى أي حال، فان الهبّة ، تملك عوامل تطورها وانتقالها الى مرحلة جديدة، وفي نفس الوقت قد تخبو لكثرة الأطراف التي تحاصر هذه الهبّة، مستخدمة وسائل عديدة، من حصار وتشكيل واغراء وتهديد، ووعود لم تتحقق طوال السنوات الماضية، ويشير المراقبون هنا، الى امكانية الدفع باتجاه طرح مبادرات انسانية وسياسية، واغراءات لنصب طاولة التفاوض من جديد.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هنا،هو، هل تلحق القيادة والفصائل الفلسطينية بهذا الجيل، جيل الانتفاضة الثالثة، تأطيرا وتوجيها، وقبل كل شيء مشاركة، وفق استراتيجية مدروسة متفق عليها.