2024-03-29 09:00 ص

جرائم اسرائيل تفتح باب العنف على مصراعيه * التوصيف الدقيق والردود المسؤولة والمحسوبة

2015-07-31
القدس/المنـــار/ أوضاع متشابكة ومعقدة في الضفة الغربية، واللاعبون في ساحتها في ازدياد، والهدف هو احداث فوضى واشعال أعمال عنف، قد تخرج عن السيطرة، وقد تتسع في كل الاتجاهات.. بمعنى آخر، أن الضفة الغربية، والقيادة الفلسطينية أمام تحديات كبيرة وأخطار جسيمة، وهنا، يفترض الاستجابة لهذه التحديات والتهديدات بمواقف وخطوات مدروسة، بعيدا عن الارتجال والتسرع وردات الفعل التي قد تكون مدخلا لتمرير أهداف بقيت معلقة لفترات طويلة، دون تنفيذ وتحقيق، وربما لـ "الحظ" دور كبير في ذلك.
ما بخطط له ضد الساحة الفلسطينية ليس بعيدا أو بمعزل عما يجري في المنطقة من تطورات وأحداث، وعلى أصعدة مختلفة، فاللاعب الأخطر في كل ما يجري هي اسرائيل الداعمة للارهاب، والمتحالفة مع رعاته ومموليه، والساعية مع جهات عدة لاشعال النيران في الضفة الغربية، مباشرة ومن خلال أدواتها في الداخل والإقليم، وباستخدام المحاور التي تشكل من دول وحركات متطلعة الى التحكم والسيطرة، وتعزيز المواقف والمواقع واستلاب الحكم ومقاليد الأمور في هذه البقعة الجغرافية وتلك.
وتثبت الأحداث والتحركات التي لم تعد خافية على أحد، أن الفشل الذي لحق بجهات في الاقليم، وافتضاح سياساتها في أكثر من مكان، وجدت في الورقة الفلسطينية فرصة لانعاش نفسها، والتمسك بدائرة التأثير، والتشبث بهذه الورقة خشية السقوط والانحدار، جهات وقوى تعتقد أن الورقة الفلسطينية قد تعيد لها حركتها وتأثيرها، من خلال تعزيز تحالفاتها مع اسرائيل على حساب هذه الورقة، فاتجهت للتخندق الى جانب تل أبيب، والمشاركة معا في تنفيذ سياسات وخطوات في الساحة الفلسطينية توصل الى لحظة تامرير تسوية تصفوية للقضية الفلسطينية، استنادا الى ما هو مرسوم لهذه الساحة من فوضى وعنف واستخدام لمحاور قبلت الارتباط بالخوارج في الاقليم وغيره.
هذا الحال، يرافقه تحرك اسرائيلي لاشعال أعمال العنف في الضفة الغربية بعد أن ادعت في الفترة الأخيرة أنها ليست معنية بذلك، ليس تعففا، وانما ابتعادا عن ساحة، تقول التقارير والمعلومات أنها ستشتعل من الداخل، وأن امتدادات العنف ومساراته هي التي تحدد تدخلها ودرجة هذا التدخل ومستواه.
غير أن الاعتداءات المتكررة المتلاحقة ضد الفلسطينيين ومقدساتهم، وأراضيهم، تؤكد أن المخطط الشرير ضد الساحة الفلسطينية، هو الآن في الحلقة الأولى من التنفيذ، والدماء الفلسطينية هو الثمن بهد استباحته في السر والعلن، وبعد أن خفت حدة التوتر في الأشهر الأخيرة في أعقاب حرق الشهيد أبو خضير، عاد هذا التوتر لينفجر اعتداءات وتقتيلا وحرقا وقمعا، والاداة الظاهرة في التنفيذ هي المستوطنون، الذين لا يتوقفون عن ارتكاب الجرائم بأنواعها.
فالمستوطنون مدعومون من الحكومة الاسرائيلية، وهناك تنافس وتسابق بين قيادات اسرائيل على دعم هؤلاء المستوطنين، ويتصدر المسؤولون الاسرائيليون مسيرات واعتداءات هؤلاء الرعاع وهذه القطعان الهمجية، وبالتالي، ان هذا الأمر مدروس بعناية، والمسؤولية في الدرجة الأولى تقع على عاتق الحكومة في اسرائيل، التي تبني المستوطنات وتنفق الميزانيات وتوسع ما هو قائم من بناء استيطاني، والجيش والأمن بأجهزتهما في خدمة هؤلاء المستوطنين الذين ينفذون مجازرهم وأعمالهم الشنيعة بحق الفلسطينيين تحت حماية الشرطة والجيش وشركات الحراسة التي تنفق على نفسها من ميزانيات الوزارات المختلفة، وهذه السياسة لن تتوقف حتى بلوغ الأهداف المرسومة، وفي مقدمتها جر الفلسطينيين الى مربع العنف بلا نصير ولا معين في الاقليم والساحة الدولية، والأدهى من ذلك، أن من يفترض فيهم عونا للفلسطينيين هم المتآمرون عليهم، والمنشغلون عنهم، في تحقيق أهداف اسرائيل الأكبر والأوسع.
هذه الاعتداءات الهمجية واستشهاد الطفل الدوابشة قرب نابلس والاعتداءات المتكررة على الحرم القدسي الشريف، وحملة الاعدامات التي تشنها قوات الجيش في الشوارع وداخل البيوت، تقابلها في الساحة الفلسطينية حالة من التيه والتناحر وتبادل الاتهامات والادعاءات بين قوى متصارعة دون اهتمام أو التفات لما يتهدد هذه الساحة وما تتعرض له، وبدلا من دراسة الأمر واتفاق كافة الأطراف على موقف واحد لافشال المخطط الاسرائيلي، ينشغل الكثيرون بحرب الخلافة، والتحشيد للحظات قادمة، مباح فيها كل الاساليب والطرق، وفي مقدمتها الارتماء في أحضان خارجية.
هذا توصيف صريح ودقيق لما هو حاصل، والأحداث متلاحقة، والانتهاكات والاعتداءات متزايدة ومتصاعدة، وهنا، لا بد من موقف مسؤول ومدروس من دائرة صنع القرار، دون تغييب أو مواربة، موقف تلفه الصراحة، مبني على الحرص والمسؤولية، حتى تكون الردود مؤثرة وشافية، خالية من الارتدادات السلبية، بعيدا عن الانزلاق الى نقطة أو مربع تستحيل السيطرة عليه، بمعنى أن لا تكون الردود اعتباطية وعفوية وعشوائية، حتى لا نقع في المصائد والكمائن المنصوبة، خاصة وأن هناك قوى وجهات تنتظر "لحظات" لكي تندفع بمخططات تحت خانة المنافع الذاتية، وليس المصلحة العامة، تصل الى حد ارتكاب أعمال عنف واغتيالات، وتسميات تحمل المسؤولية عن ذلك جاهزة، ومنتقاة من الكتب الدينية وسير الصحابة، على شاكلة تلك التسميات التي تغطي امتداد الساحة العربية، كداعش والنصرة وجند محمد، وبيت المقدس والكثير الكثير من هذه التسميات الكاذبة الفاجرة.
أم القيادة الفلسطينية، اليوم وفي هذه المرحلة، وقد اتنتهجت خطا سياسيا، وتدويلا للصراع، وادارة المعارك السياسية في الساحة والمحافل الدولية، أمامها تحد كبير، لذلك، عليها، التوجه جديا وليس في لحظة "فورة" الى المنظمات الدولية وفي مقدمتها، محكمة الجنايات الدولية، وأن ترفع القضايا والملفات اليها، غير آبهة بالضغوط والتهديدات، الصادرة من هنا، وهناك، فالوضع لا يحتمل ولم يعد يطاق، وبالتالي، هذه القيادة مدعوة لتحمل مسؤولياتها بأمانة وارادة حتى يضطر المجتمع الدولي الى التحرك بفاعلية وجدية لوضع حد لاحتلال قبيح يهدد الاستقرار العالمي.
وفي ذات الوقت، القيادة الفلسطينية مطالبة بالحذر من أية ردود فعل عشوائية، تجرها الى الهلاك وفقدان الكثير، وهذا الأمر يتطلب لقاءات على أعلى المستويات تضم كافة القوى والفصائل وطرح كل الأمور بصراحة وصدق ومسؤولية، اضافة الى التحذيرات والمحظورات، والتشديد هنا، على مسألة غاية في الخطورة، وهي احتمال أن تعبث أصابع حاقدة في الأوضاع، وأن تستغل جهات ما قد يتم من تطورات لتشارك هي في أعمال عنف مرفوضة، ارضاء لتحالفات خارجية، وبغرض الوصول الى رأس الهرم الفلسطيني، على حساب الدماء الفلسطينية.