2024-04-19 11:51 م

أمتنا العربية و الغفلة

2015-07-26
بقلم: مريم الحسن
الأمة العربية مشغولة بفوضى ثوراتها الكاذبة و غافلة عن ربيعها الحقيقي في تحرير فلسطين الذي من المؤكد لن يبدأ إلا بتحرر شعوب المنطقة و نهضتهم و بخلعهم لمن بقي من طواغيتهم من ملوك و امراء و مقاولي سياسة و عملاء للمستعمرين. فربيع الحرية هو ضرورة ماسة لأمةٍ كأمتنا غارقة بالفقر و الجهل و الفساد الذين فرضوا عليها لعقود من الزمن من قبل من زعموا أنهم حكام الأمة العربية و ما كانوا ابداً كما زعموا و إلا ما كانوا رحلوا بهذا الشكل المهين لهم و لأمتهم و حتى من بقي منهم و كان مثلهم هو راحل شأنه شأنهم و لو بعد حين هذا لان من رحلوا كما من لايزالون منهم ما كانوا حكّاماً بحق بل كانوا عبيد شهواتهم و حكّامهم و من أخرجهم من أقفاصهم العفنة و نصبهم حكاماً و ملوك على شعوبنا. إن الحرية خطوة ضرورية للنهوض بالأمة إلا أنّ الحرية و الربيع لا يكونوا بالإرهاب و الكذب و النفاق و بيع الذمم و الخداع و التبعية لظالمٍ أعتى و لماكرٍ أدهى, لا غاية له من ربيع ركب صهوته آتيا به إلينا سوى ملء خزائنه من ثرواتنا و حشو بطون أزلامه من خيراتنا و التربع على عرش العالم بتأييدنا له و لمواقفه بهزنا للرؤوس و طأطأتها له و بأصواتنا الراجفة و الخافتة خوفاً من سطوته و بتهافتنا على تقبيل نعاله و أخيراً و ليس آخراً لأن أطماعه لا تحد بزمانٍ و لا بمكان و لا بحدٍ أقصى للمكاسب, شماتته بنا وهو يراقبنا و نحن نرقص كالبلهاء على جثث بعضنا البعض, مستمتعاً بملاحم جهلنا و راوياً تعطشه للعنف برؤية دمائنا التي أسلناها بتقاتلنا و أشلائنا التي قطَّعناها بأيدينا و نحن ندّعي مردّدين بأننا الأفضل و الأرقى و الأكثر حضارة, لأننا أول من علم الحرف و أول من خرج من الظلمة في العصور الوسطى و أننا من سطّر التاريخ بالبطولات و الشهامة و الأخلاق و المعرفة. و لانّ أرضنا أقدس الأقداس و منها انطلقت أعرق الديانات و أرحمها, و لأنّ منّا المسيح و الإنجيل و لأننا أمةٌ ميَّزها الله جلّ ذكره إذ بعث للإنسانية نبياً منها هو أفضل خلقه و أحبهم إليه, و فضلها على باقي الأمم إذ جعلها أمة وسط تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر, و أعزها بين شعوب العالم إذ أنطق القرآن الكريم بلغتها. فما هو هذا الربيع الذي استضفناه بغباء في أمتنا و الذي لم تحلو له زيارتنا إلا بسفك دماء أحبتنا و أبناءنا و الذي لا همّ له إلا زرع الفتنة و التفرقة في أمتنا و الذي لن يزهر إلا إذا قتل إسلامنا و دثر مسحيتنا و شوه صورة هذا الشرق العريق الذي أغدق على العالم في ما مضى بعضاً من تحضره فصار العالم متحضر و ارتقى بعلومٍ نحن نبعتها و اسس نشأتها. إن الحرية قيمة حضارية يعني أن تعبر عمّا فيك و عما يهمك و أن تحدث برأيك و بأفكارك و أن تتحرك و تتكلم دون خوف أو إكراه و أن تُحتَرم كإنسان له فكره الخاص و موقفه الخاص يعبر عنه بأخلاق لا تمت للعنف بصلة و لا تتكلم إلا بلغة الحوار و السلام و الاحترام لمن خالفك رأيه لان التفكير الحر منحة الباري لعباده و إلا ما كان ميزنا تقدست أسماءه عن باقي ما خلق و ما كان خاطب عقولنا لنعرفه و ما كان خلقنا مختلفين و ما كان بعث فينا ما بعث من رسالاته و هو لو أراد لجعلنا على دين واحد و من عرق واحد و انطقنا جميعنا بلغةٍ واحدة. إن الحرية غايتها السلامة في العيش مع الآخرين الذين لهم أراءهم و مواقفهم و مذاهبهم المغايرة لما ملك غيرهم من شركاء في المجتمع الواحد, فالحرية هي أن نعيش رغم الاختلاف بسلامٍ و أمان, و أن نقنع الآخر بمعتقدنا دون التجرؤ عليه و إهانته أو تهديده في أمنه و سلامته. الحرية يعني الأخلاق التي علّمنا إياها محمد عليه و على آله الصلاة و السلام, هي التسامح و المحبة التي لقننا إياهما المسيح عليه و على أمه السلام , الحرية هي قيمنا الشرقية التي زُرعت فينا منذ نعومة أظافرنا و الموجودة في مجتمعاتنا من قبل أن يولد دعاة الحرية و الديمقراطية و عبيد الأنظمة الرأسمالية و الجشع الغربي و الرعونة الصهيونية في المجتمع الحديث. نحن نولد أحراراً لأن أباءنا و أمهاتنا أحرار, و لأن عظماء تاريخنا أحرار و لأن قيمنا قيم حرة و أراضينا رغم الاحتلال هي حرة لان قاطنيها احرار يأبون الضيم و الاهانة و لا يسكتون عن حق سُلب منهم غصباً لذا هم المقاومون. إن امتنا ليست بحاجة إلي حريات مستوردة و لا إلى قيم مستوردة و لا إلى أدوات تحرر مستوردة و لا إلى أموال مستوردة و لا إلى فكر مستورد, أمتنا بحاجةٍ فقط إلى أن تستيقظ من غفوتها التي لا يمكن إنهاءها إلا بخروجنا من تقوقعنا في مذاهبنا و في عصبياتنا و بإنهاء تنافرنا و تناحرنا بحجة التفاضل و الأعلمية و الأحقية و بدخولنا التاريخ من جديد عبر بوابة توحدنا و تحرير أراضينا المحتلة و التحرر من التبعية و تحديد العدو الذي بالتأكيد هو ليس عربياً و لا مسلماً و لا مسيحياً و إنما هو صهيوني أو أحد زبانيته ممن يعملون على تفريقنا و تشتيت توحدنا و أضعاف جبهتنا بزرع الفتن الطائفية فيها معتمدين على دهاء و حنكة أسيادهم المتصهينين و نحن عنهم غافلون بحرية يأتينا بها ربيع عربي مصنع في الغرب على مقاس خلافاتنا لن يزهر إلا في حدائق إسرائيل و لن تقطف ثماره إلا الصهيونية

الملفات