2024-03-28 03:51 م

أمي .. الأم المثالية

2015-03-19
بقلم: يسرا محمد سلامة
قبسٌ من سراج وهّاج، روض من رياض الجنة على الأرض، مهد الحياة، أنشودة أمل تبعث في داخلك الدفء والحنين، واحة السكينة والهدوء والطمأنينة، الصديقة الصدوقة الأصدق لأقرب الناس لها، معزوفة لحنية لا يمكن أن تمل منها أبدا، إنها الأم. الأمومة إحساس لا يمكن وصفه مهما استخدمنا من كلمات القواميس، لغة لا يمكن ترجمة مفرداتها، لأنها وحدها تُتقن تفسيرها، مشاعر جياشة لا تنضب مهما نهلت منها، حقًا إنها الوحيدة التي يُتعبها الحب ومع ذلك، فهى لا تكتفي من هذا التعب مطلقا، بل ترغب دائمًا في المزيد والمزيد. تضحياتها على مر السنين مع أبنائها وزوجها تُؤلف فيها الكتب، العطاء بلا مقابل وبلا حدود، سر إلهي يبثه المولى عز وجل فيها، فلا تُجهد نفسك في اكتشاف غموضه، لأنك مهما حاولت ستفشل في حل اللغز أو حتى فهمه. مسابقة الأم المثالية التي تُعقد كل عام، يجب أن لا تكون مسابقة تفوز فيها أم واحدة، فجميعنا لدينا أم مثالية، جميعنا لدينا أم ضحت وعانت وقاست من ظروف الحياة، لكى تُربي أبنائها أفضل ما تكون التربية، ساهمت في جعلهم عضوعامل، وفعّال في نهضة مجتمعهم، حتى وإن لم تنل هى القسط الكافي من التعليم مثلهم، لكن فطرتها أدركت أهمية التعليم وفائدته العظيمة في الارتقاء بالوطن، فكيف لا تكون أمي أو أمك الأم المثالية؟!!، هل بالمسابقات تحظى أمهاتنا باللقب؟!! بالطبع لا. المثل الشعبي القائل "اللي بلا أم حاله يغم"، حقيقى ومعبر جدًا، ففقدان الأب يُفقدك الأمان، لكن فقدان الأم يُفقدك أشياء معنوية أكثر منها مادية أو ملموسة، لن تعرف قيمتها إلا بعد أن تُدرك عدم وجودها في حياتك، فيكفي أن تقرأ الحديث المتداول "يا ابن آدم ماتت التي كنا نُكرمك من أجلها، فاعمل لنفسك نُكرمك"، حتى وإن ذهبت الكثير من الأقاويل أنه ليس بحديث، فهو في حد ذاته يوضح حقيقة الصلة الروحانية بين العبد و ربه في رضاء الأم عليك، ودعائها المستمر لك في كل أمور حياتك أن يوفقك سبحانه وتعالى ويرعاك ويحفظك وييسر لك أمورك، فبرضائها وحده يرضى الله عنك، وبدعائها فقط تُفتح لك جميع الأبواب المغلقة في وجهك، لذا ما يحدث من عقوق الأبناء لوالدتهم مرض خبيث يُصيبهم وندعو الله لهم أن يتم شفاءهم منه وبسرعة، لأنه لا يفيد البكاء على اللبن المسكوب بعد ضياع العمر، وعندما تأتي ساعة الحساب و"يا ليتني" لن تشفع ولن تنفع، فهنيئًا لمن عرف قيمة وجود أمه في حياته قبل أن يفقدها. أمي، أنتِ لي الحصن المنيع من الوقوع في الزلات والأخطاء، أنتِ لي الملجأ الوحيد من ظلم الحياة وقسوة من فيها، أنتِ القدوة والمثل الأعلى، أنتِ كنزي في هذه الدنيا وأنا ميراثك الذي عانيت سنين طويلة كى تجمعيه فأنا "شقا عمرك"، وأدعو الله في كل صلاة أن يجعلني الميراث الذي تفخرين به ما حييتي، كما أدعوه عز وجل أن يحفظك لي ويُطيل لي في عمرك ويرزقك العافية، ويجزيك خير الجزاء على صبرك وتحملك مصاعب الحياة من أجلنا، نعم هذا واجبك، ولكنه حق علينا أن نرعاكِ في شيبتك كما راعيتنا في شبابك ولم تبخلي علينا بعمرك، وكيف لا أكون ملك يمينك والجنة تحت قدميك !!.