2024-04-19 02:13 م

الخرائط الإسرائيلية محت الوجود الآشوري.. داعش ينفذ

2015-03-01
محمود عبد اللطيف – عربي برس

يهاجم داعش القرى الآشورية في محافظة الحسكة، لا أهمية استراتيجية للعملية من الناحية العسكرية فالمنطقة زراعية بالمطلق و مدنية بالمجمل، ومن حيث القرب من مدينة الحسكة تعتبر الخاصرة الأكثر تعقيداً بالنسبة لداعش إذا ما فكر بخرق الطوق الذي فرضه الجيش السوري على المدينة، خاصة و إن الطيران السوري يستهدف مقرات التنظيم الأساسية في جبل عبد العزيز القريب نسبياً من القرى الآشورية التي تمدد نحوها التنظيم، بالتالي فإن خطوط الإمداد القادمة عبر البادية السورية من الرقة إلى مناطق الجزيرة مكشوفة و مستهدفاً.

إضافة إلى أن تنظيم داعش في مدينة الشدادي الواقعة إلى الجنوب من الحسكة يواجه خسارات كبرى تحت وقع العمليات العسكرية التي تنفذها القوات السورية بحثاً عن استعادة السيطرة على محيط الشدادي النفطية ليتم الوصول إلى عمقها في مرحلة ثانية من العملية، والتي تشهد إنجازاً تراكمياً و سريعاً، وبالتالي فإن الحديث عن عملية عسكرية كبرى لداعش في الحسكة ممنوع أوروبياً، خاصة و إن المدينة تحوي على نسبة كبيرة من المسيحيين قياساً على عدد السكان فيها، والمطلوب من قبل مشغلي داعش أن يتمدد التنظيم إلى الحد الذي يسمح بخلق إزمة لـ “مسيحيي الشرق” على المستوى الإعلامي بما يعطي المجال للمناورة السياسية للعمل على إكمال إفراغ الشرق من محتواه المسيحي بما يسمح للوصول إلى نقطة متقدمة من طرح التقسيم السوري ضمن قرارات أممية حفظاً لأمن الأقليات، وهذا يستشف مما حصل في الموصل و سنجار العراقيتين اللتين شهدتا مجازر و تهجير بحق كل من المسيحيين والإيزيدين.

هذه المحاولات التي تأتي من قبل الدول الاوروبية و خاصة فرنسا بتكليف أمريكي تأتي ضمن منهجة العمل على تأسيس دويلة داعش التي يكمن خطرها الأكبر في إنها ذات طابع توسعي مستند إلى ذات العقيدة السياسية التي تتمسك بها “إسرائيل” ، ومن هذه النقطة تحديداً يعمل على خلق لون واحد في المنطقة، بحيث يهجر المسيحيون عن المناطق التي يعيشون فيها، ليصار لاحقا إلى نقل الأكراد إلى المناطق التابعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان في العراق، وعلى ذلك يكون من المنطقي أن يحكى عن دولتين في الشمال السوري و العراقي، الأولى تكون دويلة كردية يسعى لتحقيقها مسعود البارزاني مترأس إقليم كردستان و التي سعى من خلال علاقاته مع رئيس تركيا رجب طيب أردوغان لخلق المناخ السياسي الراعي لعملية طرح مشروع الاستفتاء على حق تقرير المصير لاحقاً، وفي ذات الخطوة يعمل من قبل العواصم الغربية على تحشيد الرأي السياسي لقبول فكرة وجود دويلة لداعش، وهذا ما ذكرته تحديداً وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في مذكراتها التي حملت عنوان “الخيارات الصعبة” والتي أكدت من خلالها أن الولايات المتحدة الأمريكية عملت على تأسيس داعش ليخلق دولة جهزت أمريكا 122 دولة للاعتراف بها حال إعلانها، وهو ما تم التوافق عليه بين كلينتون في مذكراتها و الوثائق التي سربها العميل السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكي إدوارد سنودن.

و لا يأتي من قبيل المصادفة بالمطلق أن تقوم شركة «أفيجدور أورجد» الإسرائيلية المتخصصة برسم الخرائط بوضع خريطة للدولتين قبل أيام من تمدد داعش نحو القرى الآشورية، وليس من قبيل الصدفة أيضاً أن تعمل وسائل الإعلام الإسرائيلية على تعزيز فكرة الخريطة من خلال الترويج لها إعلامياً، فالمصلحة الإسرائيلية في تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية و عرقية تأتي من وجهة نظر مفكري “إسرائيل” على نقطتين، الأولى من خلال التركيز على إن هذه المشروع يجعل من “إسرائيل” دولة يهودية تجاور دول دينية أخرى وبالتالي يصبح الحديث عن وجودها أمر مقبول تماماً، وفي النقطة الثانية تنهي “الحكومة الإسرائيلية” الصراع مع العرب من خلال تجميده بفعل الأمر الواقع بكون الدول التي ستنشأ على الأسس العرقية و الدينية ستدخل في حالة من الصراع اللانهائي بسبب الخلاف المذهبي و الديني الذي يعمل على تعزيزه بقوة من قبل “إسرائيل” ومن معها من دول الغرب.

ضمن هذه الفكرة ستكون المواقف الأوروبية خلال الأيام القادمة داعية للهجرة المسيحية إلى أوروبا، وهي فكرة سيقابلها ساسة إسرائيل بدعوة يهود أوروبا للهجرة نحو الكيان الإسرائيلي بكونه سيكون أكثر أمناً لهم من الدول التي بدأ «الجهاديون» يرتدون إليها، وهو ما بدءه فعلا بنيامين نتياهو على إثر الهجمات التي استهدفت الصحيفة الفرنسية “شارلي إيبدو”.