2024-04-19 06:08 ص

عاصفة (الربيع العربي) أنجبت أكبر موجة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية

2015-01-16
باتريك كينغسلي – (الأوبزرفر) 3/1/2015
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
"سفينتا الأشباح" اللتان تم اكتشافهما وهما تبحران في اتجاه الشاطئ الإيطالي في الأسبوع الماضي، وعلى متنهما المئات من المهاجرين –وإنما بلا طاقم- تشكلان فقط آخر عرَض من أعراض ما يعتبره الخبراء أكبر موجة من الهجرة الجماعية في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
الحروب المستعرة في سورية وليبيا والعراق، والقمع المفرط في أريتيريا، وحالة عدم الاستقرار المتصاعدة في الكثير من أنحاء العالم العربي، كانت كلها عوامل أسهمت في تشريد نحو 16.7 مليون من اللاجئين في جميع أنحاء العالم.
وبالإضافة إلى هؤلاء، هناك نحو 33.3 مليون شخص "مشردين داخلياً" في داخل بلدانهم التي مزقتها الحرب، وعلى نحو يجبر أولئك الذين ينتمون في الأصل إلى الشرق الأوسط على اختيار أهون الشرين، من خلال محاولة قطع البحر المتوسط بطرق تزداد خطورة، وكل ذلك على أساس الأمل البعيد بتحقيق حياة أفضل في أوروبا.
يقول ليونارد دويل، المتحدث باسم منظمة الهجرة العالمية: "هذه الأعداد غير مسبوقة. عندما يتعلق الأمر باللاجئين والمهاجرين، فإنه لم يُشاهد شيء مثل هذا منذ الحرب العالمية الثانية. بل وحتى في ذلك الوقت، كان (تدفق اللاجئين) يذهب في الاتجاه المعاكس".
يعتقد الساسة الأوروبيون بأنهم يستطيعون ثني المهاجرين عن عبور البحر الأبيض المتوسط، ببساطة عن طريق تقليل عمليات الإنقاذ. لكن المهاجرين يقولون إن مستوى الاضطرابات في الشرق الأوسط، بما في ذلك في البلدان التي كانوا قد سعوا إليها كملاذ في البداية، لا يترك لهم أي خيار سوى محاولة تجريب حظوظهم في البحر.
كان أكثر من 45.000 مهاجر خاطروا بحياتهم بعبور البحر المتوسط للوصول إلى إيطاليا ومالطا في العام 2013، ومات منهم نحو 700 شخص خلال المحاولة. ثم ارتفع عدد الموتى إلى أكثر من أربعة أضعاف في العام 2014، حيث وصل إلى نحو 3.224 شخص.
يقول قاسم، وهو لاجئ سوري في مصر، والذي يريد الآن أن يحاول الوصول إلى أوروبا: "إننا نعرف الناس الذين ماتوا –لقد كانوا يعيشون هنا معنا. لكننا سنحاول مرة أخرى عبور البحر لأنها ليست هناك حياة لنا نحن السوريين هنا".
في مصر، لقي ما يصل إلى 300.000 لاجئ الحرب السورية الترحيب هنا بأذرع مفتوحة في بداية الأمر. لكن الأجواء تغيرت بشكل كبير بعد تغيير النظام المفاجئ في القاهرة في صيف العام 2013، بطريقة أفضت إلى تصاعد مشاعر كراهية الأجانب ضد السوريين، وإلى زيادة عمليات الاعتقال والاحتجاز في حق اللاجئين الذين لا يحملون –لأسباب مفهومة- أوراق الإقامة الصحيحة.
كما يزداد الوضع سوءاً أيضاً في الأردن، وفي لبنان الذي يستضيف الآن أكثر من مليون لاجئ سوري –أكثر من خمس عدد السكان الكلي.
هناك، وضع وجود هؤلاء اللاجئين عبئاً غير مسبوق على الموارد الوطنية، مما أدى إلى قيام الحكومة اللبنانية بتشديد القيود على دخول السوريين إلى البلاد في الأسبوع الماضي. وبينما تحركت تركيا بالتزامن في اتجاه تقوية حقوق اللاجئين، يرجح أن تظل الشواطئ التركية نقطة انطلاق شعبية للمهاجرين الذين يتطلعون للوصول إلى أوروبا بسبب كلف المعيشة العالية نسبياً، وكذلك بسبب تصاعد مشاعر كراهية الأجانب، خاصة في جنوب البلاد.
ليبيا التي تشكل نقطة انطلاق رئيسية أخرى لطريق الهجرة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لم تعد هي الأخرى ملاذاً آمناً بعد اندلاع حرب أهلية هناك في العام الماضي. وتبين محنة اللاجئين هناك، كما هو الحال في كل أنحاء المنطقة، سوء تقدير أولئك الذين يقترحون أن موجة الهجرة هناك ناجمة ببساطة عن المهاجرين لأسباب اقتصادية.
يتساءل دويل: "إذا كان هناك مهاجرون لأسباب اقتصادية، فكيف يمكننا تفسير حقيقة أننا نحصل بعد كل اندلاع للعنف والقمع على موجة جديدة من الناس القادمين من المنطقة التي شهدت لتوها ذلك الاندلاع؟ لماذا حدث أن الناس الذين غرقوا في البحر في كارثة شهر أيلول (سبتمبر) الهائلة في البحر المتوسط، كانوا فلسطينيين، وفقط بعد نحو أسبوعين من نشوب الحرب بين غزة وإسرائيل؟ ولماذا يحدث أن هناك منذ العام الماضي تدفق مستمر للناس القادمين من أثيوبيا، في الوقت الذي نعلم فيه أن هناك مشكلات خطيرة تدور في ذلك البلد؟"
لكنه ما يزال على مثل هذا الطرح أن يقنع الحكومة البريطانية، التي رفضت في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أن تساعد عمليات الإنقاذ الجارية في البحر المتوسط، والتي قبلت حتى شهر حزيران (يونيو) الماضي، أقل من 150 مهاجراً سورياً فحسب.
المصدر: "الغد الاردنية"