2024-04-16 07:07 م

استراتجية "الدوران" الامريكية و"الدوران" العربي في الحلقات المفرغة

2014-12-16
إيهاب شوقي
يتباهى موقع “باكوم” على الإنترنت بأن مجال عمله الجغرافي “يغطي نحو نصف مساحة الكرة الأرضية، إذ يمتد من المياه قبالة السواحل الغربية للولايات المتحدة إلى الحدود الغربية للهند، ومن القارة القطبية الجنوبية إلى القطب الشمالي” . وتضم هذه المنطقة 36 دولة، يعيش فيها أكثر من نصف سكان العالم . ويقدم الموقع أيضاً تفاصيل عن القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة أصلاً في منطقة آسيا الهادي: * نحو 350 ألف عسكري، يشكلون خُمس مجموع القوات الأمريكية . * أسطول الباسيفيكي الأمريكي، التابع لقيادة “باكوم”، يتضمن ستاً من مجموعات حاملات الطائرات الضاربة الإحدى عشرة، ولديه نحو 180 سفينة، و1500 طائرة، و100 ألف جندي . * القوات البحرية القتالية في الباسيفيكي تتكون من ثلثي القوات البحرية القتالية الأمريكية، وقوة حاملات بحرية تضم 85 ألف عسكري . * القوات الجوية الأمريكية في الباسيفيكي تضم أكثر من 40 ألف طيار وملاح، وأكثر من 300 طائرة، إضافة إلى 100 طائرة متمركزة في جزيرة غوام . * القوات البرية الأمريكية في الباسيفيكي تضم أكثر من 60 ألف عسكري وخمسة ألوية . * لدى قيادة “باكوم” أيضاً قوات عمليات خاصة يقدر عددها بنحو 1200 عسكري . *وتعمل تحت امرة “باكوم” ثلاث قيادات موحدة تابعة هي: قيادة القوات الأمريكية في اليابان، وقيادة القوات الأمريكية في كوريا، وقيادة آلاسكا . وفي السنوات الأخيرة، أخذت قيادة “باكوم” تتغلغل في دول آسيوية كانت محظورة عليها إبان الحرب الباردة وخلال عقد ونصف العقد بعدها، حيث أصبحت تجري مناورات مشتركة سنوية في منغوليا وكمبوديا . وهناك دول أخرى تشارك في مناورات إقليمية إلى جانب قوات أمريكية، مثل تايلاند، وسنغافورة، وإندونيسيا، والفلبين . يرتبط ذلك بما أعلنه وزير الدفاع الامريكي السابق بانيتا أنه بحلول العام 2020 سيكون توزيع البحرية الأمريكية بنسبة 60% في منطقة آسيا- الهادي و40% في المنطقة الأطلسية، مقارنة مع نسبة 50 إلى 50% خلال العقود الماضية، وأوضح بانيتا أنه بموجب الاستراتيجية الجديدة، ستنتشر في منطقة الهادي ست حاملات طائرات (من أصل الحاملات الأمريكية الإحدى عشرة) مع مجموعاتها القتالية، إضافة إلى أكثرية السفن الحربية الأمريكية، من طرادات ومدمرات وسفن قتال ساحلي، وغواصات . ويرتبط ذلك ايضا بما تعتزمه الولايات المتحدة من توسيع علاقاتها العسكرية مع أستراليا على نحو شامل بما في ذلك استغلال جزيرة مرجانية في المحيط الهندي لاستخدامها في تحليق طائرات أميركية بدون طيار، فضلاً عن الاستفادة من الموانئ الأسترالية من قبل قطع الأسطول الأميركي، وتأتي هذه التحركات والتقارب بين أستراليا والولايات المتحدة الذي أثار انتباه المراقبين استكمالاً للاتفاق المعلن عنه بين البلدين. كما تعمل الولايات المتحدة في إطار إستراتيجيتها الجديدة على نشر أربع سفن حربية بسنغافورة، وفتحت مفاوضات مع الفلبين بشأن تعزيز الحضور الأميركي على أراضيها، بالإضافة إلى سعي البنتاجون إلى تطوير العلاقات العسكرية مع تايلاند وفيتنام وماليزيا وإندونيسيا وبروناي. وهذه الاستراتيجية هي استراتيجية "الدوران"، بمعنى تدوير القوة العسكرية الامريكية، وهدفها الرئيسي تطويق الصين، وهناك عدد من الدول الآسيوية التي لها قلق وهواجس ومخاوف من الصين، فهناك مثلاً مطالبة الصين باسترداد تايوان التى تعتبرها جزءاً من أراضيها، وهناك اليابان والجزر المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي، وهناك النزاع الصيني الفيتنامي حول جزر مرجانية مشابهة، والجدير بالذكر أن العلاقات بين البلدين تشهد توتراً مستمراً منذ أن خاضا حرباً حدودية عام 1979، وانخرطا في صدامات متقطعة في البحر حول جزر(سبراتلي) وسلسلة جزر أخرى وهي (باراسيلز)، وعلاوة على فيتنام هناك ماليزيا، وبروناي اللتان تدعيان سيادتهما على بعض من تلك المناطق، كما أن الحكومة الفلبينية كثفت محادثاتها مع الإدارة الأميركية كي توسع هذه الأخيرة وجودها العسكري في الفلبين. الا ان عددا من المحلليين الإستراتيجيين يرى أن الولايات المتحدة لم يعد لديها اليوم خيار في محاولة تطبيق سياسة الاحتواء على الصين، وأن إستراتيجيات الحرب الباردة لن تنطبق على الصين. كما أن المنظرين الأمريكيين يرون أن إستراتيجية الدوران لا تعني أن منطقة الشرق الأوسط لا تشكل أهمية أو أن الولايات المتحدة لا بدأن تتجاهلها، بل إن الأمر على العكس من ذلك، فالمنطقة لا تزال تحتوي على احتياطيات هائلة من النفط والغاز، وهي تشكل جزءاً من العالم حيث ينشط الإرهابيون وتشيع الصراعات، وهناك أيضاً إسرائيل، ولكنهم يرون أنه بعيداً عن كون القرن الحادي والعشرين قرناً أميركياً آخر أو غير أميركي، فمن المؤكد أنه القرن الذي سوف تضطلع فيه منطقة آسيا والباسيفيكي بدور بالغ الأهمية. قد يتراجع تأثير النفط قليلا، بسبب عقيدة امريكية تولدت بفضل تداعيات أزمة النفط لسنة 1973 مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تراجع سياستها، إذ أفصح ريتشارد نيكسون أنداك عن رغبته في تحقيق الأمن الطاقي لبلاده، كما سار في نفس الاتجاه الرئيس السابق جورج بوش الإبن حين قال” إنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقلل اعتمادها على النفط المستورد من الشرق الأوسط بأكثر من 75% بحلول 2025