2024-04-20 01:13 ص

الرئيس الأسد يضع أوباما في مأزق سياسي عميق

2014-11-23
بقلم: الدكتور خيام الزعبي*
رغم أن الوضع الدولي فاقد للرؤية في المرحلة الحالية حول سورية، إلا أن هناك قناعة لدى أطراف دولية بأن الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة تراكم السياسات الخاطئة والعدوانية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها التي تقود الجبهة العالمية والتي كرست دعم وتسليح وتمويل هذه المنظمات التي هددت المنطقة بأسرها. بعد أن تقلصت هوامش المناورة لدى الرئيس الأمريكي أوباما على الصعيد الداخلي بعد التحول الذي حصل في مجلس الشيوخ، فإن الساحة الدولية تعتبر الأمل الوحيد الذي تبقى أمامه ليترك بصمته، لذلك فإن الإدارة الأميركية تفكر الآن بمجموعة من القضايا الإستراتيجية والدبلوماسية، والتي تشكل حبل النجاة والنجاح، وخاصة فيما يتعلق بالقضية السورية إذ تشهد الإدارة الامريكية نشاط وعمل مستمر على هذا الصعيد، الأمر الذي يشير على أن واشنطن أمام إستراتيجية جديدة؟ إنجاز حل سياسي في سورية كان العنوان الأبرز لمهمة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، إذ تعود جبهة سورية بعد كل محاولات التصعيد الأمريكية الى ضرورة التوافق على حل سياسي، بعد تبدل الأولويات الدولية من الإنتقال السياسي الى مكافحة الإرهاب، أجندة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة تظهر حجم التحولات في الموقف الأمريكي، فبينما كانت جولاته المكوكية السابقة تختص بنقطة واحدة، وهي إنجاز إطار عام لإتفاق سلام شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تحولت الأجندة اليوم لتحتوي نقاطاً متعددة، أهمها ملف مكافحة الإرهاب، والحل السياسي في سورية، فهناك مبادرات سلمية تقدّمت بها أطراف عديدة لحل الأزمة السورية، ومنها مبادرة لروسيا، وثانية تحدث عنها معاذ الخطيب، الرئيس الأسبق للإئتلاف السوري المعارض، ومبادرة ثالثة للمبعوث الأممي دي ميستورا حول تجميد القتال في حلب تمهيداً لتعميم التجربة بالتدريج إلى باقي مناطق سورية، هذه المبادرات المتزامنة يمكن فهمها على أساس أن الأطراف الدولية المتورّطة في الأزمة السورية، تريد الآن إنهاءها عبر تسوية سلمية تُفرَض على الفريقين المتناحرين منذ عام 2011، بعد أن إستشعرت مدى الخطر المتنامي الذي أضحى يشكله تنظيم داعش على المنطقة برمتها، فآثرت حل الأزمة السورية سلمياً، للتفرغ لمحاربته والتنظيماتِ المتحالفة معه بإسناد مهمة قتاله على الأرض للجيش السوري والمعارضة معاً، في حين يتكفل التحالف الدولي بمواصلة قصف التنظيم من الجو، لتحقيق نتيجة أفضل مما تحقق إلى الآن من نتائج ضئيلة في ظل عدم وجود تنسيق مباشر مع النظام السوري وضعف الجماعات العلمانية التي يراهن التحالف عليها هناك. بإختصار شديد يرى كثير من المراقبين إن الولايات المتحدة تدفع ثمن سياسة إنكار الحقيقة، التي إتبعتها في التعامل مع ملفات المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بالملف السوري، معارضة غير حقيقية إخترعتها واشنطن، وسوقتها على إنها معارضة معتدلة، وفرضتها على المجتمع الدولي في محاولة لتطبيق وجهة النظر الأمريكية الرافضة للحقيقة، لينتهي الأمر اليوم في إعلان أمريكي للحرب على مجمل فصائل هذه المعارضة، ونعود للنقطة صفر في البحث عن معارضة معتدلة، كما ذكر بيان صدر عن البيت الأبيض الأميركي، أن الطرفين الأمريكي التركي إتفقا على ضرورة تقويض قوة تنظيم داعش مع إلحاق هزيمة به، وإجراء تحول سياسي سليم في سورية، الشيء ذاته ينطبق على موضوع مكافحة الإرهاب وتأجيله من قبل واشنطن وإستبعاد دمشق و إيران وروسيا ومصر، لينتهي الأمر بواشنطن اليوم بالإقرار بضرورة مكافحة الإرهاب ومحاولات إعادة خصومها الى المشهد كشركاء في مكافحة الارهاب، هذه السياسة الأمريكية وضعت مجمل دول المنطقة "أصدقاء وأعداء" إزاء تحديات حقيقية، جعلت من الضروري تبني حالة من الدبلوماسية المرنة، التي تفترض في جوهرها إحتمالية فشل التوجه الأمريكي، وتستعد لمواجهة تداعيات هذا الفشل وتجنب آثاره الكارثية. فإذا كانت إتفاقية الدفاع العربي المشترك فشلت في الخروج إلى النور طوال العقود الماضية، ولم تتحول إلى حقيقة، فها هو اليوم الذي يحتاج فيه العرب إلى قوة موحدة قد جاء، لمواجهة العدو الغادر المتربص بهم داخل أراضيهم، ومن هنا فإن الوضع الراهن يلزم جميع الدول العربية بأن تتوحد في مواجهة الإرهاب، فأهداف الغرب معروفة تجاه المنطقة، وأمريكا كانت تهدف إلي تدمير الجيش العراقي الذي كان أقوى وأكبر جيوش المنطقة، ولذلك فعلت ما فعلت بالعراق، وهذا هو نفس الهدف الذي تسعي إليه أمريكا بتدمير الجيشين السوري والمصري، ولذلك لابد من قوة لحماية الجيوش العربية من التدمير بدلاً من تركها فريسة للذئب الأمريكي كلاً على حدة. في إطار ما سبق يمكنني القول إن الخراب والفوضى يدلان على ضعف وفشل مسيرة اوباما على جبهة الشرق الأوسط، لذلك فإننا اليوم أمام إدارة متذبذبة ومتقلبة وتعتمد على التجربة والخطأ وليس على التحليل الواعي للساحة السورية، وما يعنيه ذلك من وجود لاعبين وقوى يؤثرون على هذه القضايا . وأخيراُ أختم مقالتي بالقول، إن سورية هي التحدي الأبرز في إستراتيجية أوباما، وفي ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش العربي السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب، لذلك يجب على الدول الغربية والخليجية أن تخرج من هذه اللعبة المدمرة لأنهم سيكونون أول ضحايا الجماعات الجهادية، وهو أمر ستكون تداعياته الخطيرة على هؤلاء الذين لا يدركون عمق الأزمة التي يعيشونها والتي ستجبرهم في النهاية، على دفع ثمن تهورهم وأحقادهم اتجاه سورية، وبالتالي فإن أمريكا وحلفاؤها العرب أمام مأزق خطير ومن صنع أيديهم، لذلك سيكون من الحكمة إعادة فتح قنوات اتصال مع النظام السوري لمكافحة خطر تنظيم داعش. 
*صحفي وكاتب أكاديمي 
Khaym1979@yahoo.com