2024-04-24 08:21 ص

المعادلة الجديدة.. القدس مفتاح الإستقرار والإشتعال

تصوير: محمد قزاز

2014-10-31
القدس/المنــار/ القدس تحت حصار مشدد، وأبواب البلدة القديمة مغلقة والحرم القدسي الشريف يغلق لأول مرة في تاريخه، ووحدات من كافة أذرع الجيش الاسرائيلي والأمن نزلت الى شوارع القدس الشريف، في مواجهة شبان لم يعد يحتملوا الضيم والظلم من الاحتلال وممارساته الاجرامية التي شملت كافة مناحي الحياة، وهم لم يعد يحتملوا عجز العرب والمسلمين الذين يصمتون على انتهاكات جزء من عقيدهم وهو المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، وعلى صمت شعوب هذه الأمة على تخاذل أنظمتها وخرجها على الدين والعروبة وكل القيم، وراحت تحارب الى جانب أعداء الأمة ، تقتل باسم الاسلام، وتستبيح ساحات الوطن وتشكل العصابات الارهابية خدمة لأمريكا واحتلال اسرائيل لفلسطين وانتهاكها للمقدسات.
القدس تحت الحراب، واهل القدس الصامدون يؤدون الصلاة في شوارع المدينة وأمام بواباتها المغلقة، والبنادق مصوبة نحوهم، وقوات حرس الحدود الاسرائيلي تقتحم البيوت في حملات ضريبية متعددة الأشكال والانواع، تصادر وتحتجز، في حين يستمر المستوطنون في ممارساتهم الوحشية، وهذه القطعان تجوب شوارع المدينة استفزازا وفسادا وتحديا تحت حراسة جيش الاحتلال وحمايته.
في هذه الأيام القدس تؤسس لواقع جديد، واقع يفرض معادلة لن تستطيع قوة اسرائيلية كانت أو أي من حليفاتها أو كلها مجتمعة شطب هذه المعادلة، معادلة عنوانها، القدس هي البوصلة، ولا بوصلة غيرها، القدس مفتاح الاستقرار ومفتاح العنف والفوضى، وأن لا قوة في الدنيا لها الحق أو معها الحق وتمتلك الجرأة لتطلب من مواطني القدس الصمت والهدوء وعدم التصدي للاحتلال وممارساته واعتداءاته على المسجد الأقصى ، فهم المرابطون ومن بوصلته القدس، ويدعي الاسلام والعروبة والوطنية، فليتبع أبناء القدس، ويلقي بعيدا بكل "البوصلات" الفارغة الكاذبة، التي تشغل العالم الاسلامي عن قضاياه المقدسة.
مواطنو القدس يتعرضون لشتى أنواع المهانة وكافة أنواع الحصار، ومقدساته تحت الاعتداءات على مدار الساعة، اعتقالات وضرائب واغلاق وبطالة وتجويع، وهدم بيوت ومصادرة أراضي، وتغيير معالم وتهويد وفق خطط موضوعة منذ زمن بعيد ولم تتوقف، واسرائيل تضرب عرض الحائط بكل المناشدات والتوسلات والاستعطاف والترجي، وتهزأ من البيانات الحادة التي لا ترتقي الى مستوى الفعل.
القدس اليوم تؤكد مجددا وأمام العالم كله، زيف ادعاءات اسرائيل بأن القدس موحدة، وعاصمة اسرائيل الأبدية، القدس قدسان، والواقع على الأرض يثبت ذلك، أبناء القدس اليوم يثبتون أن الجوع لن يقهرهم، والتخلي عنهم لن يكسر ارادتهم، والقدس اليوم تقول للجميع، من يعشق القدس، وبوصلته القدس، فان طرق حماية المدينة وتدعيم صمود أهلها كثيرة لا تحصى، وأن الاقوال وبيانات التضامن الكاذبة تفضح مطلقيها.
القدس اليوم تؤسس لواقع جديد، هبّة مقدسة يقوم بها أبناء القدس، ولا فضل فيها لأي فصيل أو حركة، شباب لم يعد يحتملوا ممارسات هذا الاحتلال وصمت الأمة وهجزها فشمروا عن سواعدهم متحدين بصدورهم رصاص الاحتلال.
القدس اليوم ترعب الاحتلال الذي يدرك بأن أبناء المدينة ليسوا بحاجة الى طائرات لمواجهة القمع فكل الادوات متوفرة وبسيطة، وأشكال الرد بين أيديهم، وعندما تزداد المعاناة حدّة، والقمع وحشية وشراسة، فان كل شيء مباح، والأهداف ليست في السماء السابع، هذا يجب أن يدركه الاحتلال وأن يوقف قمعه، وأن يتوقف عن الدفء باحلام وأوهام بددها شباب القدس في أحيائها وحاراتها وشوارعها وحواريها.
ومن يريد معرفة حقيقة ما يجري في المدينة، فليتوقف عن قراءة التقارير التي تكتب من منطلق نفعي، ومن داخل الغرف المكيفة، وبعد معرفة الواقع والحقيقة، مطالب بوضع برامج على أسس سليمة لحماية القدس، ودعم صمود أهلها الذين يعيشون تحت خط الفقر.
بكل الصدق والصراحة، الانتفاضة الثالثة، شرارتها ستنطلق من القدس، بعد أن وصلت ممارسات الاحتلال الى حد تهديد الاقصى وتقسيمه زمانيا ومكانيا ، هذه الشرارة ستولد حرائق كبيرة بمستويات لهب عالية، ومن يدرك هذه الحقيقة عليه أن يعيد حساباته.
لم تعد لجان القدس وكافة مسمياتها ذات جدوى، ولم يعد الشخوص قادرين على حمل الامانة، ولتكن، هناك جردة حساب ومساءلة.. ماذا فعلت هذه اللجان المتصارعة التي تتبارى في اطلاق التصريحات من على وسائل الاعلام، وهم بعيدون عن واقع المدينة، أهل القدس بحاجة الى هبة جادة من اشخاص محبين للقدس وأهلها ومن بين صفوفهم ويعيشون فيها، وليس أشخاص يقيمون في أبراج عاجية عالية، يتآكلون في دائرة الاستزلام. نعم، الوضع بحاجة الى تقييم وجرد حساب بصدق وشفافية، عندها تلقي "العدة" الموجودة اسما بعيدا، وتحميل المسؤولية لمن هو قادر على حملها، وعلى صناع القرار ادراك كل تفاصيل الواقع، الان، قبل غدا، فهناك اجندات خارجية تزحف نحو ساحة الحدث.. صناع القرار مدعوون الى الخروج من دائرة خطتها "شخوص" القدس أكبر منهم، فالمدينة المقدسة كبيرة وكبيرة جدا!!
عربيا ، الأنظمة التي تهيمن على شعوب الأمة هي أدوات طيعة في يد أمريكا واسرائيل، تضحك على نفسها وشعوبها، وتصريحات الحكام النارية لدعم القدس، هي تغطية على جرائمهم المرتكبة بحق شعوب الأمة وقضاياها، حكام، لا دين لهم، والعروبة منهم براء، وكيف سيدافع هؤلاء عن القدس وهم يذبحون الابرياء باسم الدين ومقدسات الاسلام.
هؤلاء الحكام ينفقون مليارات الدولارات على تشكيل العصابات الارهابية التي تسفك دماء أبناء سوريا ومصر والعراق، ويديرون ظهورهم للقدس الشريف وأبناء فلسطين، انهم معاول هدم وتخريب خرجوا على ارادة الامة، ولا فرق بينهم وبين حكام اسرائيل، فهم داعموها وحماة أمنها، وهم الذي يعملون على تصفية قضية فلسطين.
ونقولها بصراحة، أنظمة السعودية وقطر وغيرهما، خزائنتهم مفتوحة للشيطان الأمريكي، وللارهابيين من كل جنس، ويتآمرون لتفكيك الجيوش العربية وتخريب ساحات الدول العربية، موقفها هذا هو الذي يشجع الاحتلال على قمع أبناء القدس والاعتداء على الاقصى، أنظمة خائنة باعت نفسها للشيطان ولا خير يرجى منها.
أما اسلاميا، فتركيا تهيء الأجواء للاحتلال ليواصل تهويد القدس، وتقوم بدعم العصابات الارهابية التي تسفك دماء شعوب الأمة، وهناك دول اسلامية تحاربها أنظمة العائلات الفاسدة والعثمانيين الجدد وطواغيت الشر ولا يريدون لها أن تمد يد العون لفلسطين وشعبها، وللقدس وأبنائها..
أمام هذه الصورة الواضحة، وبفعل هذا العجز والتآمر عربيا واسلاميا، واستناد صناع القرار داخليا، على تقارير أشخاص تلفظهم المدينة، فان القدس لها أنباؤها ، وشعبنا الفلسطيني، وكان لا بد أن ينتفض أبناء القدس، وهم سيواصلون، فقد بدأوا بتشييد الواقع الجديد على قواعد متينة سليمة.. والشرارة من القدس، من الاقصى على وشك أن تشتعل وتنطلق.
وعلى كل الجهات ذات العلاقة دراسة الواقع جيدا، وكل الاحتمالات واردة!!