2024-04-19 08:48 م

من عين العرب الى طرابلس الشام

2014-10-30
بقلم: طالب زيفا
يبدو أن منطقة الشرق الأوسط برمتها دخلت في حالة الصراع الصريح و ليس الضمني و بدا بأن الإرتباك هو السمة الواضحة على معسكر صانعي و ممولي الإرهاب المتمثل بداعش و أخواتها و ما الأحداث الأخيرة في طرابلس و محاولة سيطرة داعش و بقية السلفيين على طرابلس لبنان و محيطها إلا جزء من مخطط بات مكشوفا للقاصي و الداني من العراق الى سورية الى لبنان الى مصر الى اليمن الى بعض المناطق الأخرى المرشحة لتطبيق الخطط المرسومة لهذه المنطقة و يبدو بأن هناك تغيرات دراماتيكية متسارعة بفعل عدة عوامل :

أولاً- الفشل الذريع للمخطط في تحقيق أهدافه البعيدة في سورية بفعل صمود الشعب السوري و الجيش العربي السوري فكان لابد من تشظي النار الى المحيط الجغرافي الأقرب فالأبعد حيث تمددت داعش في العراق ووصلت نار الإرهاب الى طرابلس فسقطت سياسة النأي بالنفس و أثبتت صوابية موقف حزب الله من الإرهاب في سورية من خلال التدخل الاستباقي كون داعش حركة إرهابية مُصنعة بالمال الخليجي السلفي الوهابي كأداة جارحة لضرب محور المقاومة و نقطة المركز فيه سوريا .
ثانيا- ارتباك الحلف المعادي لسورية فأصبح أردوغان في خيار صعب جدا فهو إما عليه أن يتراجع عن دعم الإرهاب بفعل ضغوط داخلية و خارجية و نتيجة عدم تمكنه من تحقيق الهدف الأساسي له و هو إسقاط نظام الحكم في سورية و اسقاط الدور المحوري لسورية في المنطقة و بالتالي التراجع عن حلم قيادة تركيا للشرق الأوسط الكبير و أضغاث الأحلام في إنشاء الخلافة العثمانية الجديدة تمهيداً للاعتراف به كقوة اقليمية كمعبر بين الدول العربية و الدخول في الاتحاد الأوروبي كون تركيا دولة أوروبية بحيث يستخدم أردوغان أوراق اعتماده كممثل لمنطقة تمتد من البحر الأسود الى البحر المتوسط الى الخليج العربي و بالتالي أن تكون تركيا هي عقدة مواصلات لخطوط الغاز و النفط الخليجي و العراقي بدلاً من خط الغاز الروسي 
ثالثاً- بداية أزمة اقتصادية قد تعاني منها ميزانيات دول الخليج نتيجة بدء تراجع أسعار النفط و الغاز و المتطلبات التي على دول الخليج الالتزام بها نتيجة الإشتراك مع تحالف واشنطن لضرب داعش و زيادة ميزانيات التسليح نتيجة التنافس الذي تُشعله أمريكا في معظم دول الإقليم من إيران حتى دول الخليج من خلال تأجيج الصراعات الإثنية في المنطقة كون الحرب على الإرهاب قد تستمر عقودا و ليس سنوات كما يصرح المسؤولين الأمريكان.

من هنا يمكن القول ,بأن العناد السعودي , التركي , قد لا يطول لأن النار في المنطقة بدأت تصل الى أبعد مما كان مُخططاً لها على مستوى الإقليم و بالتالي فالتحركات الدبلوماسية القادمة خلال الأيام و الأسابيع القادمة قد تشهد نشاطاً محموماً , لإن تسونامي الإرهاب و العنف و الأحقاد القديمة تجاوز الأنظمة و الحكومات و بدأ يتسلل إلى دول الخليج و يهدد معظم دول العالم و خاصة الذين مولوه و دعموه حيث مفرخة السلفيين و الإرهابيين و الوهابيين و البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب فلم يجد الإرهاب ضالته في سورية و العراق و لبنان و مصر لأنه لا يمكن أن ينمو إلا في التربة التي زرع فيها لذلك فانحسار الإرهاب على ما يبدو في سورية و العراق و لبنان و مصر سيكون له ردات قوية جدا على دول الخليج و أولهم مملكة آل سعود , الذين يبدوا بأنهم بدؤوا بدفع الثمن فهل يسارعوا في إعادة النظر بعدم استخدام الدين كجسر لتحقيق أهداف سياسية معادية للعروبة و الإسلام ؟ أم أن العناد هو السمة الرئيسة لسياسة آل سعود و حكومة أردوغان بهدف استمرار نزف الدماء و دمار الدول العربية بلدا بعد آخر ؟...

الملفات