2024-04-25 11:25 ص

هل ستخوض تونس تجربة سورية مع داعش قريباً ؟

2014-10-20
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي 
لم يعد خطر الدولة الإسلامية مصدر قلق في منطقة الشرق الأوسط خاصة العراق وسورية فحسب، بل إمتدت تشعباته لتصل إلى دول المغرب العربي، إذ تمكن تنظيم داعش من تسويق صورته كأخطبوط قادم إلى تونس، فهناك زعامات جهادية في ليبيا مرتبطة بأجندة داعش الذي ينوي التوغل في تونس وخاصة بعد إستحداث تنظيم "داعش" لفرع في درنة الليبية، وقد أثار ظهور علامات داعش فى الشوارع التونسية والتي أبرزتها وسائل الإعلام المختلفة حالة من الهلع لدى المواطنين بإعتباره حدثاً يعكس تربص التنظيم بالبلاد فضلاً عن راية داعش التي رفعت من قبل البعض فى تونس، لذلك تعيش البلاد حالة من التأهب تحسباً لعمليات إرهابية محتملة، وسط حالة من الإستنفار الأمني، وإجراء حملة إعتقالات طالت نشطاء من التيار الديني المتشدد، فيما يرى محللون سياسيون إن اضطراب الأوضاع في تونس مسألة وقت، وإن النار تحت الرماد، فمند الإطاحة بنظام زين العابدين تحولت تونس إلى دولة تعشش في أحيائها الشعبية المحرومة مئات الخلايا المتشددة، وتنشط بحرية حتى أنها خططت في أكثر من مرة لإقامة إمارة إسلامية على شاكلة حكم طالبان في أفغانستان، ومازال الكثير من الشباب التونسي المتطرف يعول على الفرصة السانحة للإنضمام الى تنظيم داعش، إذ يعد عدد التونسيين المقاتلين في صفوف داعش هو الأكبر بين الجنسيات الأخرى المنضوية في هذا التنظيم المتشدد. إن سيناريو إمتداد أو تحول تنظيم الدولة الإسلامية إلى المنطقة المغاربية سيناريو يستحق التفكير والجدية، كون هذه المنطقة تعيش في أسوأ مرحلة أمنية، ليبيا مدججة بالإرهابيين والسلاح، وتونس في مرحلة إنتقالية وتعيش صعوبات سياسية وإجتماعية وتحديات أمنية مختلفة ومتعددة، والاقتصاد متعثر، وتشعر قطاعات واسعة بأن الديمقراطية لم تحسن أوضاعها الشخصية والإقتصادية، أما الجزائر تشهد معركة شبه دائمة مع الإرهاب ومحاولات معاودة التوغل فيها، في إطار ذلك صدرت في الآونة الأخيرة تحذيرات بقرب وصول تنظيم داعش إلى منطقة المغرب العربي "تونس"، مستغلاً في ذلك الوضع الأمني الهش الذي تعيشه تونس، وتزايد عدد الحركات الجهادية المتطرفة مُتّخذة من المنطقة موطئ قدم لنشاطها الإرهابي في سعي منها إلى بناء جبهة نزاع جديدة تضاف إلى بؤر الصراع الأخرى في المنطقة العربية، وتغذي فروع داعش في بلدان مختلفة، بالإضافة إلى عدم السيطرة الأمنية على الوضع بليبيا وتدفق الأسلحة من ليبيا إلى تونس والجزائر وسهولة إنتقال عناصر القاعدة، ووجود خلايا نائمة تابعة لتنظيم داعش في مناطق مختلفة من العالم، فضلاً عن إعلان عدة حركات متطرفة ولاءها للتنظيم، وخاصة بعد أن إضطرت الجماعات المتشددة والمنتشرة في ليبيا تحت تأثير القصف الجوي لطائرات الجيش الليبي إلى الفرار والإقتراب من الحدود التونسية والسعي إلى خلق بؤرة توتر أخرى لتحقيق هدفها المزعوم المتمثل أساسا في خلق الإمارة الإسلامية التابعة لتنظيم داعش في شمال أفريقيا. فمع الإضطرابات الأمنية التي تعصف بالحدود الليبية التونسية، ومع استمرار القتال الدائر بين قوات فجر ليبيا وأنصار الشريعة الإسلامية ضد قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، وهروب بعض أنصار تنظيم الدولة الإسلامية داعش من ليبيا باتجاه الحدود التونسية، دفعت السلطات التونسية، بتعزيزات عسكرية إلى المعبر رأس جدير وحتى معبر ذهيبة وازن، وذلك تحسباً لأي إنفلات أمني على الحدود بعد إخلائه من الجانب الليبي، هذا هو حال الجمهورية التونسية التي تستنفر أمنياً على حدودها إنتظاراً لداعش، في وقت تستعد داخلياً لإجراء إنتخابات البرلمان والرئاسة، وخاصة بعد الكشف عن وجود تحركات سريعة لجماعات إرهابية على الحدود التونسية - الليبية استعدادا لتسللها داخل الأراضي التونسية والإعلان عن إقامة إمارة لتنظيم الدولة الإسلامية جنوب البلاد، وإعتزام تنظيم "أنصار الشريعة" في تونس الذي بايع تنظيم الدولة الإسلامية إحداث فوضى وأعمال عنف ببعض المدن الجنوبية التونسية المتاخمة للحدود الليبية. في سياق متصل يمكنني القول إن تونس ستكون ساحة الحرب القادمة بين جيوش الغرب من جهة والتنظيمات الإسلامية وعلى رأسها تنظيم"الدولة الإسلامية" وخاصة بعد مبايعة بعض الفصائل المسلحة مثل "كتيبة عقبة بن نافع" لأبو بكر البغدادي، وبالمقابل سيكون التدخل الأوربي سريعاً هذه المرة نظراً للقرب الجغرافي بين تونس وأوروبا، وإنطلاقاً من ذلك فإن تونس قلقة حول إندلاع الصراع الإرهابي على أرضها ما سيؤدي لمقتل الآلاف من المواطنين كما يجري في سورية والعراق، ليس فقط بالمناطق الحدودية التونسية، وفي الشرق مع ليبيا والغرب مع الجزائر، بل أيضاً في الأحياء الفقيرة بضواحي المدن التي يغلب على سكانها الطابع الديني، لكن الخطر الأكثر واقعية الذي تتعرض له تونس يتمثل في عودة مئات التونسيين من ساحة الجهاد بسورية والعراق، بعد أن حصدوا خبرات كثيرة في التفجيرات، والعبوات الناسفة، والألغام والذبح، وبعد أن أجروا تدريبات إضافية في معسكرات الجهاد بليبيا، وأيضاً مما عزز شعور التونسيين بالقلق على بلادهم من خطر الجماعات المتشددة المسلحة هو ما تؤكده التقارير الأمنية التي تقول إن المقاتلين التونسيين يتولون مراكز قيادية هامة في أخطر الجماعات المسلحة وفي مقدمتها داعش. وأخيراً أختم مقالي بالقول إن خطر داعش موجود، والخطر الإرهابي الذي يطرق أبواب تونس جدي، ومجمل هذه التطورات تجعلنا ندق ناقوس الخطر، والتحذير من أن داعش بسلوكها الإجرامي اللامحدود قريبة على مرمى حجر من تونس، تمهيداً لفتح باب جهنم على المنطقة المغاربية بأسرها، وإدخالها في دائرة أعمالها التي تجاوزت بها كل الأخلاقيات الإنسانية والشرائع الدينية، وبإختصار شديد أعتقد أن تكون تونس ساحة القتال القادمة، التي ستشهد مرة أخرى انهيار المفاهيم الغربية بشأن إدارة الحرب، وإذا كانت أمريكا جادة في القضاء على الإرهاب ، فلتتجه أولاً إلى المصدر المغذي للإرهاب في الفكر والمال والرجال وكل أنواع الدعم الأخرى ، سواء كانت إسرائيل أو بعض الدول العربية التي تعمل لخدمة الإرهاب . 
Khaym1979@yahoo.com