2024-03-29 03:56 ص

أمريكا وروسيا...اللعب على المكشوف في أرض سورية

2014-09-30
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي*
دعونا نتكلم بصراحة وبلا تحليلات أو تنظيرات، المسألة ببساطة أن ما يجرى فى سورية الآن من خراب وتدمير بنيتها التحتية هو نتيجة وجود أصابع أمريكا والغرب لتحقيق مشروعهم الإستعماري، وأصبح اللعب الآن على المكشوف فى محاولات مستميتة لجر الجيش السوري إلى المعركة الدائرة مع التنظيمات والمليشيات المسلحة تحت عنوان"التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب" فالولايات المتحدة تريد أن تهدم المؤسسة العسكرية السورية لأنها أقوى الجيوش على مستوى العالم، فلذلك يستخدمون أدواتهم من داعش والأتراك والخليجيين ويعرضون مئات المليارات من الدولارات لإسقاط سورية فى بحر الفوضى والحرب الأهلية وتقسيمها وتجزئتها على غرار ما يجرى فى العراق وليبيا. إن الغارات الأمريكية وحلفاءها ضد تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي السورية والعراق هي مثال حي على التناقض في سياسة واشنطن أو ما يسمى بالمعايير المزدوجة، هنا لا بد من القول أن داعش هي صناعة أمريكية مثلما كانت القاعدة أيضاً صناعة أمريكية، وأمريكا كانت تقف وراء القاعدة وما تزال وحتى الآن تقف وراء داعش، أما السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو، لماذا كل هذا الحقد على الدولة السورية؟ إن الهدف الأساسي هو إرباك وتخويف مجلس التعاون الخليجي ليفتح خزائنه ويشتري أسلحة من أمريكا عوضاً عن الأسلحة التي إشترتها مصر من روسيا، والهدف الثاني هو محاولة خنق وضرب سورية، فعندما يتم ضرب معسكرات التدريب التابعة لداعش في سورية ليس بهدف ضرب داعش ولكن الهدف هو ضرب سورية تحديداً، وهذا يعني أنها تخلق المشروعية لضرب سورية من خلال حجة ضرب مراكز تدريب داعش، وعندما تخطئ وتضرب الحكومة السورية تقول إنها نيران صديقة، بمعنى إن داعش بالنسبة لأمريكا هي فزاعة تخوف بها مجلس التعاون الخليجي، كما أن أمريكا تأخذ داعش ذريعة لدخول دول ثانية، فهي تريد أن تقضي على محور المقاومة لتحقيق أمن إسرائيل ومن ثم تأتي إلى مصر وبعد ذلك يأتي دور دول الخليج وغيرها. يشعر الرئيس الروسي بوتين بأن أمريكا تقف وراء أحــداث الربيع العربي وكذلك نشاط جماعات الإســـــــلام السياسي بمختلف مسمياتها الناشطة حالياً في العالم العربي ، واليوم تقف سورية عائقاً صلباً بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحرب ضد داعش، فحين بدأت واشنطن بناء تحالف دولي لتوسيع نطاق الضربات ضد التنظيم الإرهابي، إستغلت موسكو الفرصة ومنحت دعم ودور أكبر للحكومة السورية، فروسية ليس لديها مشاكل مع الهدف المقصود، فمثل الولايات المتحدة ترغب موسكو في تدمير داعش وتعتقد أن يجب تدميره في كل من سورية والعراق، في إطار ذلك لم تلتحق سورية بالمناقشات الدولية الخاصة بالتحالف ضد داعش، حيث تصر روسيا على أن تحركات الولايات المتحدة لإستهداف المسلحين في سورية تفتقر إلى موافقة الأسد، على الرغم من أن الجيش السوري يقاتل أيضاً التنظيم نفسه. في سياق متصل يعود الصراع الروسي الأمريكي بشأن سورية إلى الماضي ولكن في كل الأحوال لا يصل الطرفان إلى حل، ففي العام الماضي وبوساطة أوباما وبوتين توصلا إلى نقل الأسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية، مما جنب سورية الضربات الأمريكية، ولكن الثقة بين موسكو وواشنطن تتآكل منذ ذلك الحين بشكل شبه كامل، ومن هذا المنطلق هناك شكوك على نطاق واسع جداً بأن الولايات المتحدة ستبدأ بقصف داعش وتنتهي بقصف الجيش السوري، فبعد خطط الولايات المتحدة لتدريب وتسليح المعارضة تتصاعد المخاوف الروسية بشأن إستخدام واشنطن لنفوذها في محاولة لإسقاط النظام السوري، وتدعم روسيا الرئيس الأسد في حربه ضد مقاتلي المعارضة، وتعتبر بقاءه نجاحاً كبيراً لسياستها الخارجية، وتريد الآن أن ترى الغرب يعترف ضمنياً بشرعيته بالتعامل معه بصورة مباشرة، وتتهم موسكو واشنطن بنهج سياسة الكيل بمكيالين في تعاملها مع سوريا، ولموسكو مصلحة في محاربة تنظيم "داعش" الذي وجه تهديداً مباشراً للرئيس بوتين ووعد بـ"تحرير" شمال القوقاز حسبما ما جاء في فيديو للتنظيم المتطرف نُشر على الإنترنت. وأخيراً يمكنني القول إنّ العلاقات الروسية الأميركية لن تشهد بوادر حلول في القريب العاجل ولن تشهد مواجهة مباشرة بينهما، ستبقى المنافسة، التصادم، الضغط المتبادل وإنعدام الثقة من جهة، الالتقاء وتقاسم المصالح من جهة ثانية، ميزة هذه العلاقة، من المؤكد إن هذه المواجهة ستتبلور أكثر عبر سورية ومصر وإيران، ويبقى رسم حدود النفوذ الدولي هو الهدف، على أية حال ربما يسهم إنتصار السياسة الخارجية الجديدة لروسيا في انبثاق عالم جديد, قائم على التعددية القطبية وإنهاء نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية. 
*صحفي وكاتب أكاديمي في العلوم السياسية 
Khaym1979@yahoo.com