2024-03-29 12:32 م

الحاجات الوطنية في مرحلة ما بعد الأزمة

2014-09-29
بقلم : جمال رابعة*
أكثر من ثلاث سنوات من الحرب على سورية طالت حممها البشر قبل الحجر وأخرجت أثقال حقدها على المواقف الوطنية للدولة السورية على مدى سنوات عديدة, لذا ولضمان تأثيرات فاعلة ومفاعيل نوعية لتلك الحرب القذرة كان لابد من مصنعيها استهداف ونسف جملة من التراكمات القومية في الذاكرة الجمعية للمواطن العربي ولاسيما الطبقة الأقل ثقافة وإدراكاً علمياً في المجتمع العربي بهدف تحقيق مستويات مثالية من المخطط الذي خطت تفاصيله الإدارة الأميركية والغرب الأطلسي ومولته مشيخات العار والقوى الرجعية في المنطقة إذ حاولت بنجاح التسلل " خلسة " من خلال جملة من نقاط الضعف الحاضرة في سياسات الدول المستهدفة التي لفحها ماسمي بالربيع العربي ولاسيما السياسات الاقتصادية منها بهدف تأجيج وإثارة روح "الحماسة والحميّة" والشحن الطائفي في كثير من الحالات لجهة ضرب بنية وهيكلية تلك الدول وتحويلها من دول مؤسسات إلى دول فاشلة يستسهل فيها المواطن العربي الذي كان في السابق شعلة من القومية المتقدة , الانخراط في صيغ تحالفية مع أعداء القومية العربية وتقديمها على أنها الصديق الصدوق والمخلص الأوحد له من لظى الواقع المعاش. ومن هذه الزاوية بالتحديد كانت رؤية الرئيس الأسد الثاقبة تجاه ماخطط وأريد لسورية والمنطقة ,تلك الرؤية التي يؤكد فيها سيادته في كل مناسبة يطل فيها عبر وسائل الإعلام أن مرحلة مابعد الأزمة أهم وأصعب من مرحلة الأزمة نفسها وهي مرحلة البناء الحقيقي لسورية المتجددة الجديدة بكل تفاصيلها ولاسيما بناء وإعمار ماخرب من ذلك العقل , هذا التغيير والبناء والتجديد الذي يحافظ على الثوابت الوطنية ويصون السيادة من جهة ويؤمن كل مايتطلع له الشعب السوري العظيم في الوصول إلى دولة تعددية متطورة على كافة الأصعدة من جهة أخرى. وعليه وللوصول لهذا العنوان الكبير لابد أيضاً من كوادر متجددة في فكرها وممارساتها أثبتت أعلى درجات الوطنية والانتماء للوطن السوري منذ بدايات هذه الحرب ولم يصطبغ سلوكها على الإطلاق بأي لون من ألوان الحيادية والانفصال عن الواقع والنأي بالنفس فكل من اعترى سلوكه أياً من تلك التشوهات يحب أن لايكون له أي موقع في سورية المتجددة حتى وإن أبدى اليوم ماهو عكس ذلك لأن المؤامرات على سورية لن يتوقف مريدوها ومصنعوها ومحيكوها عن نسج المزيد منها بأدوات جديدة وممثلين جدد وتالياً سيكون مثل هؤلاء خيرمن يسارع لتمثيل تلك الأدوار وعليه فإن خروجهم من البيت السوري الجديد يغدو أمراً بدهياً وضرورياً إذ لا حيادية أمام وطن يُقتل أبناؤه وتدمر مؤسساته وتنهب ثرواته . ثمة تفصيل آخر غاية في الأهمية يمكن تلمسه من أقوال وتصريحات سيد الوطن بما تحمله من مدلولات عميقة إذ قال سيادته في لقاء مع صحيفة البعث في العام الماضي : " إن النقد الذاتي البناء ومكافحة الفساد يمثل أحد أهم الأسس لعودة الحزب إلى جماهيره وقاعدته الشعبية" هذا الحزب الذي هو اليوم بأمس الحاجة لكل فرد من تلك القاعدة ولاسيما في هذه المرحلة, مرحلة بناء سورية الجديدة الوطنية المتجددة بكل مايحمله هذا التوصيف من دلالات ولاسيما العقل الجديد " والوطني " بوصفه العامل الرئيسي من عوامل نجاح مرحلة ما بعد الأزمة . وعليه فإن الإصلاح ومكافحة الفساد يعدان من الحاجات الوطنية الملحة لجماهير شعبنا العظيم والأساس في تمتين الجبهة الداخلية وسد الثغرات ولملمة التشظي الاجتماعي والمادي في المجتمع السوري الحاصل بفعل الأزمة , فلايمكن لأي مصالحة أن تكتمل وتظهر بصورتها البهية من دون إرساء وتكريس مبدأ المحاسبة والعقاب لكل من أخطأ وقامر واستغل على كتف الوطن وبإسم الوطنية , ذلك المبدأ الذي تؤدي مفاعيله بالضرورة إلى توزيعٍ عادلٍ للثروة , وتصفى خلاله كل الممارسات المشينة وتلغى نهائياً كل الأدوار السلبية التي مهرت بخاتم تجار الأزمات وانتهازيي الحروب والطابور الخامس , وكما قال الرئيس الأسد إن العامل الخارجي يبقى خارجياً والأهم هو العامل الداخلي لذا فإن الاشتغال على هذا العامل من خلال تعزيز الإيجابيات وبتر السلبيات وتكريس الإصلاح ومكافحة الفساد قولاً وفعلاً لجهة اجتثاثه من الجذور وعدم إضاعة الوقت في تقليم الفروع تماماً كتوصيف الرئيس الأسد في خطاب القسم يعد الركن الرئيس والعامل الأهم في إخراج سورية بصورتها الجديدة المتجددة .
*عضو مجلس الشعب السوري 

الملفات