2024-04-19 05:41 م

د. المقداد: السعودية ترقص مع الشيطان ..المصالحة بين«داعش» و«الحر» بالحجر الأسود تثبت انهم حلفاء

2014-09-14
تحدث نائب وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد، أن صحوة بعض الدول للخطر الذي يشكّله الإرهاب بعد قيام الدولة الإسلامية "داعش" بعمليات إرهابيّة أدّتْ إلى تهديد السعودية والأردن والكويت ودول أخرى في المنطقة وخارجها،
واضاف المقداد: "على الرغم من أنّ سوريا كانتْ قد أكّدتْ منذ بداية الحرب عليها، وعلى دول أخرى، أنّ ما تتعرّض له هي حرب إرهابيّة بكل أبعادها ومضامينها وأساليبها ونتائجها. فمملكة آل سعود، ولأسباب كامنة في طبيعة العائلة المالكة وتاريخها، هي التي قادتْ هذه الحملة من الإرهاب على سوريا وخصّصتْ لها المال والسلاح وجنّدتْ لها الإعلام واشترتْ الضمائر وسخّرتْ الدين والإيديولوجيا للوصول إلى غايتها، فهي مستمرة في الرقص مع الشيطان بغية تحقيق أهدافها. وما الاجتماع الذي عقدَ في جدّة يوم الخميس 12 أيلول بحضور دول خليجيّة وعربيّة بعضها لا ناقة له ولا جمل في هذه المسرحية، إلاَّ تظاهرة للتغطية على التورّط السعودي في الإرهاب المدعوم من أميركا. كما أنّ انقلاب "داعش" على سادته السعوديين الذين كانوا من أهم داعميه هو الذي دفع أمراء السعوديّة لحشد هذا التجمّع. العائلة السعوديّة المالكة هي التي أنشأتْ تنظيم القاعدة الإرهابي".

نائب وزير الخارجية السوري وفي مقاله الإسبوعي في جريدة البناء اللبنانية قال إنّ من يزرع العاصفة سيحصد الشوك، وها هي العائلة المالكة السعوديّة التي أنشأتْ تنظيم القاعدة الإرهابي وبعدَ ذلك فروع القاعدة في العراق وفي سوريا لتنفيذ أهداف طائفيّة ومذهبيّة وإيديولوجية كريهة غير قادرة على مصارعة الشيطان الذي لم يعد يقبل بتنفيذ سياسات سيّده، لأنّ الجنّي قد خرج من عنق الزجاجة. كم من مرّة أعلن قادة المملكة أنّه من واجبهم "دعم المعارضة السوريّة"، وكم من مرّة سمعنا عن شعور مسؤولي المملكة بالغضب لأنّ محاولاتهم وتحالفاتهم والأموال التي دفعوها قد سقطتْ في تحقيق الهدف. والسؤال هو ما الشيء الذي لم تقم به قيادة المملكة دعماً للقتلة الذينَ سفكوا الدم السوري؟ فكيفَ لها الآن أن تدّعي هي وغيرها أنّها في قيادة تحالف دولي للقضاء على الإرهاب، إذا كانتْ هذه المملكة هي الإرهاب؟

وأضاف المقداد أن طيلة سنوات ثلاث قامتْ بعض حكومات دول الخليج بدفع البلايين من الدولارات للمجموعات الإرهابيّة المسلّحة في سوريا. كما قامتْ تركيا وغيرها من دول الجوار السوري بإيصال السلاح والمال إلى هؤلاء الإرهابيّين تحت ذرائع لا يمكن قبولها، ناهيك عن الجمعيّات الدينيّة والأفراد وما يُسمّى بمنظمات المجتمع المدني بإيصال المساعدات الماليّة إلى المجموعات الإرهابيّة على رؤوس الأشهاد ومن دون خجل أو خوف من عواقب ذلك. والآن، يجتمع كل هؤلاء بقيادة وتعليمات أميركيّة لمكافحة "داعش". وتعلن السعوديّة مرّةً أخرى أنّها ستفتح قواعد داخل أراضيها لتدريب الإرهابيين السوريين، فهل هذا ما يتوقعه العالم تطبيقاً لقرار مجلس الأمن 2170؟

بعدَ أحداث الحادي عشر من أيلول التي يحي العالم ذكراها الثالثة عشر، اعتمدَ مجلس الأمن قراره الشهير 1373، والذي أصبحَ مرجعاً دوليّاً ملزماً لمكافحة الإرهاب. وقد وضعَ المجلس، الذي كانتْ سوريا عضواً غير دائم فيه خلال العامين 2002-2003، قواعد ناظمة لمكافحة الإرهاب خصوصاً القاعدة وتفرعاتها من المنظمات الإرهابيّة الأخرى. ونغتنم فرصة الجهد المحموم الذي تقوم به بعض الدول الآن للعودة إلى مبادئ مكافحة الإرهاب كما اعتمدَها مجلس الأمن في جلسته رقم 4385 بتاريخ 28/9/2001، وبموجبها تلتزم جميع الدول بما يلي:

منع تمويل الأعمال الإرهابيّة ووقفها.

تجريم قيام رعايا هذه الدول عمداً بتوفير الأموال أو جمعها بأي وسيلة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو في أراضيها لكي تستخدم في أعمال إرهابيّة.

القيام من دون أيّة تأخير بتجميد الأموال وأي أصول ماليّة أو موارد اقتصاديّة لأشخاص يرتكبون أعمالاً إرهابيّة … أو يسهّلون ارتكابها.

الامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابيّة. ويشمل ذلك وضع حد لعمليّة تجنيد أعضاء الجماعات الإرهابيّة ومنع تزويد الإرهابيّين بالمال والسلاح.

عدم توفير الملاذ الآمن لمن يمولون الأعمال الإرهابيّة أو يديرونها أو يدعمونها أو يرتكبونها.

 

منع من يمولون أو يديرون أو ييسرون أو يرتكبون الأعمال الإرهابيّة من استخدام أراضيها في تنفيذ تلك المآرب ضد دول أخرى أو ضد مواطني تلك الدول.

منع تحركات الإرهابيّين أو الجماعات الإرهابيّة عن طريق فرض ضوابط فعّالة على الحدود وعلى إصدار أوراق إثبات الهويّة ووثائق السفر، واتخاذ تدابير لمنع تزوير أوراق إثبات الهويّة ووثائق السفر وتزييفها أو انتحال شخصيّة حامليها.

لفت المقداد إلى أن الحرب الإرهابيّة الكونيّة على سوريا، لم تحترم الدول التي تنادتْ لإعلان الحرب على "داعش" تلك العناصر التي أشرنا إليها أعلاه بل وتمّ انتهاكها بشكل سافر لتمرير السياسات الضيقة وقصيرة النظر ضد سوريا. هل يمكن تبرير تدمير العالم، لأنّ بلداً مثل السعوديّة وحلفائها يريدون الحصول على مغانم سياسيّة واقتصاديّة لم يستطع الوصول إليها إلاَّ عبرَ استخدام الإرهاب؟ لكن الحقيقة المرّة تثبت أنّ ما قامتْ به دول مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وتركيا وقطر والسعوديّة من دعم للإرهابييّن والمسلّحين والقتلة تحتَ شعارات طنانة هو الذي أوصلنا اليوم إلى ما تعاني منه المنطقة والعالم على يد "داعش" و"جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلاميّة" وغيرها من التنظيمات الإرهابيّة التي تنتشر كالفطر على رقعة واسعة في المنطقة العربيّة وخارجها في آسيا وأفريقيا. رئيس الدولة الفرنسيّة يعلن من دون خجل عن إرسال بلده أسلحة ومعدات للتنظيمات المسلّحة في سوريا وكذلك فعلتْ بريطانيا بإرسالها معدات "غير فتاكة" لهذه المجموعات، وكذلك فعلتْ الإدارة الأميركية! واعتبر المقداد ادعاء هؤلاء أنّهم يدعمون وسيدعمون "التنظيمات المسلّحة المعتدلة" في سوريا. وأنّهم سيدعمون هذه المجموعات "المعارضة المسلّحة" بالسلاح والعتاد لمقاومة "داعش"، ضرباً من الجنون.

حيث أكد المقداد أنّ ازدواجية المعايير الفتاكة اخترقتْ الصفوف للوصول إلى تزوير معركة مواجهة الإرهاب.

المقداد شدد على أنّ شن حرب على "داعش" في العراق وسوريا لا يمكن أن يتم إلاَّ من خلال التنسيق الوثيق والتعامل مع حكومتي البلدين. وليس منطقيّاً ولا مقنعاً القول بأنّ مكافحة تنظيم الدولة الإسلاميّة ستتم من خلال تقديم السلاح إلى مجموعات مسلّحة في سوري. فما يُسمّى المجموعات المسلّحة المعتدلة في سوريا والتي ستعتمدها الولايات المتحدة والسعوديّة وغيرهما في ما أسموه الحرب على الإرهاب هي رفاق السلاح لـ"داعش" وغيره. وإذا حدثتْ بعض الصدامات مؤخّراً بين بعض مكونات المنظمات الإرهابيّة في سوريا، فإنّ ذلك كان في إطار التنافس بين هذه التنظيمات على النفوذ من جهة، وفي إطار تكتيكات مرحليّة من جهة أخرى. والدول الداعية إلى مثل هذه التحالفات تعي أنّ "داعش" و"جبهة النصرة" و"ميليشيا الحر" و"الجبهة الإسلاميّة" تُقاتل سويّاً في الكثير من أنحاء سوريا. وقد صرّحَ تنظيم الإخوان المسلمين الذي له تمثيل أساسي في ما يُسمّى التحالف بأنّه لن يكون جزءاً من الحرب على التنظيمات المسلّحة الأخرى بما في ذلك "داعش". كما أنّ توقيع اتفاق مصالحة بين "داعش" و"ميليشيا الحر" في منطقة الحجر الأسود قرب دمشق بتاريخ 12/9/2014، وإعلان هذا الاتفاق الذي تداولته أجهزة الإعلام، يثبت التحالف بين هذه التنظيمات بعكس ما يدّعيه الأميركيون والسعوديون وغيرهم.

وختم المقداد مقاله بتسليط الضوء على الزيارة الأولى التي قامَ بها المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا إلى دمشق لبذل محاولة جديدة لوضع حد للتطورات الكارثيّة التي شهدتها سوريا نتيجةً للحرب المعلنة عليها من قِبَل بعض الدول الغربيّة والإقليميّة للأهداف التي حددناها سابقاً. حيث رأى المقدان أن من الصائب أنّ يبدأ السيّد دي ميستورا مهمّته بدءاً من دمشق كي يُناقش بذهنيّة منفتحة العناصر الأساسيّة لمهمته مع القيادة السوريّة. وفي هذا المجال، فإنّه لا يمكن إخفاء ارتياح القيادة السوريّة للتعامل مع مبعوث خاص يتفهّم حقائق وخلفيات ما يجري في سوريا أو على الأقل محاولة فهم هذه التطورات من المنبع.

مضيفاً، بعدَ الإخفاقات التي شهدها مؤتمر جنيف لأسباب أصبحتْ واضحة للجميع وفي مقدّمها إصرار الدول الغربيّة التي دعمتْ وشكّلتْ وفد الائتلاف وأكّدتْ على وحدانية تمثيل هذا الائتلاف للمعارضة السوريّة واحتكاره لهذا التمثيل على رغم انعزال هذا الهيكل عن التطلعات الحقيقية للشعب السوري وعدم اعتراف المكونات الأكثر تمثيلاً للمعارضة السوريّة، ومن جهة أخرى تجاهل هذه الدول وائتلافها للتحدّي الأساسي الذي واجه ولا يزال يواجه سوريا وهو خطر الإرهاب، وها هي نفس الدول تعترف الآن أنّ خطر الإرهاب لا يجب أن يمثّل أولويّة سوريّا فقط، بل أنّ هذا الخطر أصبحَ أولويّة لكل العالم. بذلك تعود هذه الدول إلى ما قالته سوريا منذ بداية أزمتها وأكّدتْ عليه في مؤتمر جنيف.