2024-04-20 12:46 م

الدماء التي سالت في الضفة تضامنا مع غزة شطبت حالة الانقسام نهائيا

2014-07-27
القدس/المنــار/ تنشر (المنــار) ملخصا لتقارير اسرائيلية تتناول جوانب من العدوان البربري على قطاع غزة ، والاجواء التي شنت فيه اسرائيل هذا العدوان، والفوارق بينه وبين اعتداءات وحروب سابقة، تعرض لها القطاع، وتركز هذه التقارير على المواجهات مع المقاومة الفلسطينية، دون التطرق الى المجاور البشعة التي ارتكبها جيشها بمختلف أذرعه ووحداته.
ترى هذه التقارير أنه في مختلف جولات المواجهة والقتال بين اسرائيل والمقاومة في القطاع خلال السنوات الاخيرة وبالتحديد منذ سيطرة حركة حماس على القطاه، كانت الاجواء مريحة جدا لاسرائيل في ادارتها للمعركة والمواجهة العسكرية ، فالاجواء في الضفة الغربية كانت مريحة الى حد كبير بالنسبة لاسرائيل ومنفصلة عما يجري في الطرف الاخر من المناطق الفلسطينية، لكن، هذه الجولة من القتال ضد المقاومة مواجهة مختلفة، ويمكن وصفها بالخطيرة، تخيم عليها الضبابية، ولا يمكن توقع انزلاقها وتطورها، سواء في ساحة المواجهة العسكرية المباشرة في القطاع، أو من خلال ما يمكن أن يتطور من تأثيرات سلبية على الوضع الأمني لما يحدث في غزة على استقرار الضفة الغربية.
تقول هذه التقارير أن الحرب الحالية ضد القطاع تختلف عن الحروب السابقة، فالحرب هذه المرة تتم في أجواء مختلفة اقليميا، فالاحداث التي شهدتها مختلف الدول العربية أفرزت واقعا عربيا جديدا مختلفا عما كان عليه في السابق، وهو ما تلمسته وأدركته تل أبيب منذ التظاهرة الاولى في ساحات الربيع العربي، فأجواء الانقسام باتت هي التي تميز مختلف الساحات، ولم يعد الانقسام بين هذه الدولة أو تلك، وانما تطور الى درجة يمكن وصفها بالتصدع المجتمعي العميق.
وتضيف هذه التقارير، ما كان يشكل اساسا يجمع المجتمعات العربية في مختلف المناطق، وهو أساس اللغة الواحدة، لم يعد قادرا على ضمان هذا التماسك، فالتسلل هذه المرة من الجهات المعنية ببعثرة الاوراق في العالم العربي واعادة رسم الحدود والكيانات الجغرافية، تسللت هذه المرة من تصدع خطير واسع وهو التصدر الديني، وهو أخطر بكثير من أية تصدعات أخرى امتازت بها المجتمعات العربية.
وما يدور ونشهده حاليا من صراع عسكرية سيؤثر بشكل كبير على مستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والصراع العربي الاسرائيلي، كما أن الانقسام والعدوان داخل الساحة الفلسطينية ساهما في تخفيف حدة الغضب الشعبي في الضفة الغربية والتعاطف مع ما يجري في قطاع غزة، وسهل مهمة القيادات المعتدلة في الاقليم باتخاذ مواقم لم يكن من الممكن اتخاذها لو لم تم بأراضيها عاصفة "الربيع العربي".
وتعترف التقارير الاسرائيلية بأن تراجع قوة جماعة الاخوان المسلمين في الساحة الاقليمية وتاثيرها على مكانة حماس، فهذا العامل كان من بين العوامل التي أخذتها اسرائيل بالحسبان، وكذلك الجهات التي قررت وضع حد لهذا الكيان في غزة، ولأن الاجواء مناسبة في الساحة العربية وتحديدا في مصر نتيجة حسابات متسرعة لحركة حماس، فان الاعتقاد الذي كان سائدا منذ اللحظة الاولى أن الأجواء مناسبة لضرب المقاومة واسقاط حركة حماس بتوجيه ضربة قاضية لها، وترى التقارير أن اسرائيل ومن معها كانت ترغب بتحويل حماس الى متلقٍ ومنفذٍ لما يطلب منها، وهذا يعني سقوطا لها. وهناك مسألة ساهمت في توتير الاجواء ضد قطاع غزة وحركة حماس، وتتمثل في وجود علاقات متينة بين اسرائيل ومعسكر مؤثر في العالم العربي يؤمن بأن التقرب والشراكة والتنسيق مع اسرائيل يحفظ له أمنيه، ويصبح أكثر قوة في ظل وجود تحديات مشتركة على رأسها التحدي الايراني، وهذه العوامل السياسية والميدانية والاقليمية كانت تحتاج بالتأكيد على عوامل ميدانية، تسهل التحرك واخراج الخطط لتوجيه الضربات للمقاومة على الفور، ومن هذه العوامل الميدانية ما حدث من عملية اختطاف مستوطنيه ثلاثة وقتلهم على أيدي خلية اعتبرتها الاجهزة الامنية الاسرائيلية تابعة لحركة حماس.
من هنا، كانت بداية العد التنازلي بتوجيه الضربة القاضية المأمول بها ضد المقاومة وبدأ الانزلاق نحو المواجهة العسكرية، وعملت اسرائيل على استغلال الأجواء من أجل تغيير الأوضاع في الساحة الفلسطينية بما يتجاوب مع مصالحها، لكن، هناك أمور وقعت في الطريق الى قطاع غزة بعثرت الأوراق، وتجدر الاشارة هنا، الى أن جميع القوات الاسرائيلية التي استدعيت للمشاركة في عمليات البحث عن المستوطنين الثلاثة، واصلت طريقها الى قطاع غزة ، بمعنى أنها خاضت تدريبات واسعة أمنية ونفسية قبل التوجه الى القطاع، وهذه التهيئة النفسية لم تقتصر فقط على الجنود، وانما معظم الشارع الاسرائيلي خضع لهذا التأهيل النفسي.
وتعترف التقارير أن الاوراق تبعثرت بعد عملية القتل الفظيعة التي حصلت للفتى محمد أبو خضير، هذه العملية هي الحلقة التي لم تكن في محلها ومكانها، وبعثرت الأوراق، كذلك فان تصاعد المواجهات وأعمال العنف بين الفلسطينيين وقوات الأمن الاسرائيلية ساهمت في تأجيل تأخير انطلاق العدوان ضد القطاع وتحت شعار عملية عقاب لحماس على ما قامت به من اختطاف للمستوطنين الثلاثة، وعملية قتل أبو خضير اسقطت عمليات "التنظيف" التي قامت بها اسرائيل في الضفة الغربية من عمليات اعتقال وقمع واستهداف بنية حركة حماس في جميع الجوانب وليس فقط الجانب المتعلق بالعمل المسلح، وتجدر الاشارة هنا، الى أن اسرائيل لم يكن بامكانها الغاء الحرب على قطاع غزة لحسابات اقليمية وتحالفات وأمور اخرى يرتبط بعضها ببعض باثمان ستحصل اسرائيل عليها، كما وعدت، وذلك في نهاية الحرب على القطاع.
وجاء في التقارير الاسرائيلية التي حصلت عليها (المنــار) أن مرحلة العمل العسكري الميداني ضد قطاع غزة بدأت مليئة بالثغرات الاستخبارية و "السقطات" المعلوماتية، ومطبات الفشل الخطيرة، وتراجعت انجازات اسرائيل التي حققتها في الساحة الفلسطينية منذ سيطرة حماس على قطاع غزة، لقد عملت اسرائيل منذ اللحظة الاولى لاشتعال فتيل المواجهة الداخلية بين حماس وفتح على اثارة وتأجيج هذا الخلاف بوسائل وأدوات مختلفة، ونجحت بسبب وجود الارضية المتمثلة بالصراع بين فتح وحماس على خلق حالة من الفصل ليس فقط في الصلاحيات والفصل القائم اصلا من الناحية الجغرافية، لكنها، نجحت في خلق فصل "وجداني" بين الضفة والقطاع، وهذا الفصل عملت على صيانته وترميمه اسرائيل وجهات اخرى اقليمية ودولية من خلال محاولة خلق تعددية في قنوات التمويل، وبكلمات اخرى ضخ المال عبر القناة القطرية برضى أمريكي على قطاع غزة وحركة حماس، وفي الجانب الاخر استمرار "الالية المانحة" في دعم موازنة السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وهذا الفصل المالي والقدرة على التصرف من جانب الكيانين شكل انبوب الاكسجين لاستمرار وتكريس وبقاء هذا الانقسام وزيادة الهوة بينهما.
وتعتبر اسرائيل أن أكبر انجاز تحقق لها هو حالة الفصل بين الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة، لكن، اسرائيل التي فشلت لأسباب غير معروفة يمكن وضعها تحت خانة "قصر النظر" في احتضان السلطة، خاصة بعد تراجع اسرائيل عن تنفيذ المرحلة الثالثة في اتفاق الاسرى مقابل استئناف المفاوضات.
وقام الرئيس محمود عباس بخطوة أغضبت اسرائيل، وهي خطوة التصالح مع حركة حماس، وأن أكثر الاطراف التي ساهمت في انهاء الانقسام هو أكثر طرف لا يرغب في توحيد الفلسطينيين، والمتمثل في اسرائيل، انها "لعبة القدر"، كما أن ما يحدث من اعادة لتوجيه مسار الخطاب من جانب القيادة الفلسطينية يساهم في ظل مفاجآت حماس الميدانية في تغيير المشهد والعودة بشكل غير متوقع، فالدماء التي سالت في الضفة الغربية تعاطفا وتأييدا للقطاع هي التي ازالت فصل الانقسام نهائيا.
وتختتم هذه التقارير ، بأن عودة حالة التأثير بين ساحتي الضفة والقطاع، هو أخطر فشل وأكثره مرارة ستضطر اسرائيل الى تذوقه، وستكون له نتائج كبيرة على مستقبل الاحداث في هذه الساحة.