2024-03-29 02:18 م

لم تنم أعينهم

2014-04-15
بقلم: عبد الحكيم مرزوق*
في الأزمات التي تتعرض لها الدول عادة ، يتم تشكيل خلايا لمعالجة تلك الأزمة ، وهذه الخلايا تضم في عضويتها باحثين ومختصين من مختلف الاختصاصات حيث يتم تحديد سبب تلك الأزمة بناء على دراسات وبحوث معمقة يجريها بعض الدارسين من خلال استبيانات تحتوي على أسئلة توزع على عدد كبير من شرائح المجتمع ومن مختلف الأعمار حيث ترصد الأسئلة المطروحة مشكلات الواقع وتستشف تلك الأبحاث سبل الخروج من تلك الأزمة بناء على الاقتراحات والتوصيات التي تتوصل لها، حيث يتوزع العمل بعد ذلك على أكثر من مجال ، وسوف أتوقف عند الجانب الإعلامي في معالجة الأزمات كونه جانباً هاماً وحساساً وهو الذي يظهر عمل كافة اللجان التي تعمل في معالجة الأزمات وعلى كافة المستويات ، وأي تقصير في هذا الجانب يمكن أن ينعكس سلباً على الرأي العام الذي يكون بأمس الحاجة للمعلومة الصحيحة التي تنقل له حقيقة ماجرى وما يجري على أرض الواقع ، ولهذا نجد من أولويات الوسائل الإعلامية تقديم المعلومة الصحيحة والصادقة والشفافة ، وفي الواقع أننا وجدنا في هذا المجال ثمة تطور بأداء الوسائل الإعلامية السورية خلال الأشهر القليلة الماضية من خلال السياسة الإعلامية التي انتهجتها ونجحت بها إلى حد كبير وخاصة في جانب كشف التضليل والكذب المستمر الذي كانت ومازالت تمارسه بعض محطات التضليل الإعلامي التي استعدت لهذه الحرب الإعلامية التي رصد لها ميزانية مفتوحة وكلفت حتى الآن مئات كثيرة من ملايين الدولارات التي صرفت على مجموعة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وعلى الغرف السوداء التي أعدت في أكثر من دولة عربية حيث كانت تفبرك الأفلام وشهود الزور والأخبار والتي كانت تعتمد شعار (غوبلز) وزير إعلام ( هتلر ) وهو : اكذبوا ، ثم اكذبوا ، ثم اكذبوا، فلابد أن يصدق الناس كذبة واحدة ..‏ نعم وبلا مجاملة فقد نجحت وسائل إعلامنا في كشف كذب وفبركات محطات التضليل الإعلامي التي كانت تبث سمومها في الليل والنهار ، وعلى الرغم من تراجع حدة الاحتجاجات في سورية إلا أننا لاحظنا استماتة تلك المحطات في ترويج الأكاذيب على مدار الساعة .. فهي قد صدقت الكذبة ومشت بها ، لأن الكذب أصبح مصدر رزق ومعيشة العاملين فيها الذين اقتاتوا في المرحلة الماضية على دماء الأبرياء من أبناء شعبنا فأصبحوا مشاركين في الجريمة وليسوا مجرد ناقلين للأخبار والصور المفبركة والكاذبة ..‏ لقد تابع إعلامنا ماكان يبث عبر تلك الفضائيات ، ويحلل الكثير منها في سبيل كشف الأكاذيب التي كانت تروج من خلالها ومقدماً الكثير من التفاصيل التي كانت توضح تلك الأكاذيب والفبركات الإعلامية التي كانت تسير وفق سيناريو قد أعد مسبقا ولكنه قد فشل بالنتيجة التي أرادت أن تكون كارثية من خلال المراحل المتتالية التي لم تجر عبر المخطط الذي تم وضعه لهذه الغاية .‏ لم يكن تكذيب الأضاليل هدف السياسة الإعلامية لوسائل الإعلام فقط بل اعتماد المصداقية في نقل الأخبار المصورة من أماكن وقوعها وبنفس اليوم وفي بعض الأحيان كنا نشاهد بثاً مباشراً لأماكن كانت تدّعي قنوات التضليل حدوث الاحتجاجات والأحداث فيها ، إضافة إلى تقديم مايؤكد صدقيتها فيما يجري من أحداث من خلال لقاءات مع المواطنين الذين يتحدثون من الأماكن التي كانت تفبرك لها الأخبار والروايات المختلفة ، وتقديم اعترافات المجرمين والقتلة الذين قتلوا الأبرياء وخربوا الأماكن والمنشآت العامة .‏ الخطوة الأهم في السياسة الاعلامية والتي سحبت البساط من تحت تلك المحطات ماقامت به وزارة الاعلام بدعوة كافة وسائل الاعلام بزيارة خان شيخون ومدينة حماة لوضع الرأي العام امام حقيقة ماحصل .. ومع ذلك فإننا لاحظنا ان بعض تلك المحطات لم تلبِ الدعوة ، وبعضها قبل الدعوة على مضض ولكن تلك الوسائل لم تعرض التقارير التي أعدها مندوبوهم .. لماذا ؟ لأن هذه الوسائل لا تريد أن تقدم الحقيقة لأنها تكشف كذبها وتضليلها الذي استمرت عليه أكثر من خمسة أشهر ولأنها أصبحت جزءاً من المؤامرة التي تحاك ضد بلدنا .‏ لإعلامنا الذي نحب كل التحية ، فقد كان دوره يماثل دور جيشنا البطل في مواجهة هذه الأزمة وكان واحدا من الجنود الذين لم تنم عيونهم في مواجهة حرب إعلامية بشعة شنتها بعض الأقنية الفضائية المرتزقة بكشف أكاذيبها وأضاليلها التي أصبحت مملة ومقرفة .‏
 *كاتب وصحفي سوري 
marzok.ab@gmail.com