2024-03-19 09:31 ص

الفيسبوك تواصل أجتماعي أم ماذا ؟

2014-03-12
بقلم: شاكر عبد موسى الساعدي / العراق
بعد تحسن المستوى المعيشي للمواطنين ,وخلال الخمس سنوات الأخيرة زاد عدد الحواسب اللوحية والأجهزة النقالة الذكية المستخدمة في عموم العراق ثلاث مرات عما كانت عليه سابقا , ومن المتوقع أن تتخطى مبيعات الأجهزة اللوحية مبيعات الحواسب المحمولة هذا العام , بينما حذر مبتكر الشبكة العنكبوتية العالمية البريطاني الأصل... (Tim Burners- Lee) من مدينة دافوس( السويسرية) من ميول الحكومات في التحكم بشبكة الانترنت ومواقعه الاجتماعية ( الفيسبوك وتوتير....الخ) وما تقوم به من تواصل اجتماعي ومعرفي بين الشعوب بمختلف دياناتهم ومذاهبهم وثقافاتهم ,حتى داخل البلد الواحد يستطيع المتواصلون إبداء أفكارهم وأرائهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية بكل حرية دون قيد أو شرط , بعد انفتاح الثقافة العراقية على مصادر متنوعة وتحررها من دكتاتورية الفكر الواحد عندما كان الوطن ثكنة عسكرية تسورها أناشيد الحروب والحصار الاقتصادي والثقافي وقتها لا فرق بين غرفة البيت وغرفة السجن إلا في النوافذ , بعد التغيير برز ميل اجتماعي وثقافي واضح للدخول في العصر الحديث واستلهام الأفكار والمفاهيم العصرية والتفاعل مع منتجات الحضارة الحديثة ,فظهر على الساحة العراقية الثقافية جيلان جيل قديم محافظ معروف ثقافيا وأخر جديد غير معروف مقترن عمله بأهداف سياسية ودينية معينة ,وجد ضالته المنشودة من خلال نشر أفكاره في مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات والجماعات الأدبية والثقافية داخل تلك المواقع وبات المبدع يخوض كل يوم تجربة جديدة بغية الترويج لإبداعه ونتاجه الفكري.ليطل من خلاله على عالم متحرر خال من الجدران والموانع الفكرية.عندما شهدت الهواتف الذكية خاصة نوع (I phone )أقبالآ واسعا من قبل الموظفين وعموم المواطنين , بينما تهاوت أسعار أجهزة الكمبيوتر الأثقل وزنا والأكبر حجما أمامها لأنها تقدم خدمات متعددة كالانترنت والمحادثة المصورة وخدمات الاتصال الدولي السريع وخزن ونقل الملفات مع سهولة حملها ونقلها من مكان لأخر عند السفر ,كما يمكن استخدامها من قبل الدوائر الحكومية لانجاز معاملات المواطنين بدقائق معدودة بدلا من اشهر. وعندما أجدت استخدام الحاسوب ( اللآبتوب) المحمول ودخلت عالم الانترنت وخفاياه كنت أتوقع أن أتنازل عن ثقافتي السبعينية وأدخل عالم العولمة من أوسع أبوابه وأرتقي مراحل فكرية وثقافية متقدمة بعيدا عن الصحف والمجلات والكتب المطبوعة ورقيا بعد أن بات عدد ومستخدمي موقع فيسببوك يتخطى عدد قراء الصحف في العالم العربي اليوم ,ألا أني اكتشفت بأن الأغلبية اللاهية بمواقع التواصل الاجتماعي هم مجرد أغبياء كل ما يفعلونه هو تبادل النكات وصور النساء والمطربات والمذيعات وعقد الصداقات الوهمية عن بعد , ناهيك عن المكالمات المرئية بمختلف وسائط العرض التي وفرتها محركات البحث ( غوغل , ياهو , بينج) , لقد جمد الفيسبوك دماغي وأبعدني عن القراءة وكتابة الموضوعات الثقافية وشراء الكتب القديمة من شارع المتنبي وسط بغداد. لكن من خلال تواصلي مع الجميع عن طريق (الفيسبوك) , وجدت أن أغلب المشتركين من غير المعروفين في الوسط الاجتماعي والثقافي يحاولون طرح أفكارهم السياسية والمذهبية بأسلوب عدواني فظ يشوبه غموض وتعصب ديني أحيانا وطائفي أحيان أخرى ومن الذين يواجهون الفكر المضاد بفكر مقابل بعيدا عن الفكر الإيماني والإقناع والتوضيح والحوار ألشامل من قبل أشخاص ومجموعات منبوذة لا علاقة لها بالعقائد والأديان وإنما تتغطى بغطاء الدين ليس غير , وخاصة لدى الكثير من النسوة العراقيات والمصريات من ذوات الفكر الديني المتعصب .وتتحمل تلك المهمة التصحيحية الكثير من مؤسسات المجتمع المدني ورجال الدين والجهاز التربوي والمؤسسات الثقافية والإعلامية.عندما أكدت الأديان السماوية جميعها قيم التسامح والسلام وثقافة تقبل الأخر. الآ أن هذا الموقع الاجتماعي لا يخلو من المتعة الشخصية عندما تتصل بك امرأة من دارفور السودانية لتقول لك بأنها ترغب الزواج منك بشرط مساعدتها على تحرير مبلغ مليوني دولار في حساب والدها المتوفى مجمد في احد البنوك العالمية , أو امرأة تغير صورتها بين فترة وأخرى خافية صورتها الحقيقة التي قد لا تسر الناضرين , أو فتاة تقول أنها مصرية مولودة بالمغرب وتعيش في فرنسا والذكي من يحل ذلك اللغز المحير. والكثير من الشباب يردون على كتابات النساء وان كانت عديمة اللون والطعم والرائحة , أي الأغلبية تلهث وراء النساء وان كانت كتابتهن من فضه ويهملون الرجال وان كانت كتاباتهم من ذهب , لذلك تقمص الكثير من الرجال أسماء النساء لغاية في نفس يعقوب , فأصبح الفيسبوك وسيلة للكذب على الآخرين وخداعهم بكلمات معسولة يطلقها رجل تحت مسمى امرأة , وأحيانا امرأة تحت مسمى رجل عندما تخاف البعض منهن من التحرش الجنسي. مع وجود تدني في مستوى اللغة العربية وجهل في الثقافة العامة وإحباط واضح للمستخدمين الآخرين بعد أن حوله البعض وسيلة للسب والشتم والاعتداء على الحريات العامة من قبل ناشرين أو محررين مجهولين يهاجمون الحكومة الاتحادية بأسلوب سياسي وطائفي مقيت كلما حدثت أزمة سياسية في البلد , على الرغم من أن البعض منهم يعيش في دول محترمة ولم تمسسه نيران الحروب السابقة يسكنون دبي أو لندن أو سدني. والبعض الأخر من جيل الفيسبوك لا يعرف الأمثلة العربية القديمة , مثلا فتاة مغربية كتبت ( بأن الإنسان يجب أن يلتزم بمواعيده مع الآخرين) فأجبتها (( مواعيد عرقوب)) فطلبت تفسير مني لأنها لم تقرأ أو تسمع بتلك الأمثال , وأخرى عراقية من مدينة السليمانية طلبت مني تفسير كلامي ( الإناء ينضح ما فيه ) لأنها لم تسمع به وهكذا.وقد صدق الله العظيم حينما قال (والشعراء يتبعهم الغاوون ) , وإنا أقول ( الفيسبوكيون يتبعهم الغاوون) ليس تشبها وإنما مقارنه وإنا أول الغاوون بهذا الفرح الجارح والشر القادم من بلاد الغرب الذي لا بد منه.عندما قام الأمريكي(Mark Zuckerberg) بتأسيس موقع الفيسبوك بالاشتراك مع زميليه المتخصصان بعلم الحاسوب وانطلاقه في شهر شباط /2004 م. وقد أثير جدل كبير حول استخدامه في الاعوام الماضية , فقد حضر استخدامه في سوريا وإيران , كما حضر استخدامه في مواقع العمل المختلفة لانشغال الموظفين فيه , كما تعرض بعض مستخدميه لدعاوي قضائية لاختراق البعض الخصوصية الشخصية ,وحاليا يستخدمه أكثر من مليار شخص في العالم بمختلف الشعوب واللغات ,واللغة الانكليزية هي اللغة الاساسية المستخدمة و(96) لغة أخرى بما فيها اللغة العربية. بينما كشفت دراسة امريكية حديثة ان مواقع التعارف وشبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت باتت بيئة مثالية للتعارف والزواج فأكثر من ثلث الزيجات في امريكا بدأت عن طريق شبكات تعارف على الانترنت وأكدت ان هؤلاء الازواج اسعد بكثير من غيرهم ممن تعرفوا على بعضهم بالطرق التقليدية المختلفة . وأخيرا أقول أن الفيسبوك هذا الموقع الاجتماعي على الرغم من بعض سلبياته المفتعلة من بعض الناس فيه فوائد كثيرة , أهمها تبادل الأفكار والمعلومات الاجتماعية والثقافية ومن خلاله يتواصل الناس بمختلف انتمائهم الفكرية والدينية والسياسية والعرقية , والحديث بعضهم مع بعض دون قيود ومحرمات تفرضها الحكومات عليهم كذلك هو وسيلة للتعارف بين الشباب والتواصل من أجل الزواج والصداقة الدائمة.عندما وصل عدد العرب المسجلين في الموقع المذكور ما يزيد عن(15) مليون شخص , حيث تحتل مصر المرتبة الاولى في الاستخدام تليها السعودية وأخيرا الأمارات العربية .